الكل موجود لكن قليل منهم حي ، قصة بقلم : شريف مصطفي
قليل من يعرف أن لي ثلاث مجموعات قصصية منشورة .. عندما أتوقف عند حقيقة أنهم قليل أدرك إما أنني كاتب فاشل أو بعبارة ألطف كاتب غير متميز مثل الكثير الذين تكتظ أرفف المكتبات بكتبهم التي لا يقرأها أحد أو أني مسوق فاشل لنفسي أو بعبارة ألطف لا أجيد العلاقات الثقافية تبادلية المنفعة ولا أجيد إستغلال علاقاتي في الوسط الثقافي والصحفي لصالحي.
لم يكتب عن تلك المجموعات في الصحف الثقافية ما هو أبعد من خبر إصدارها. والذي يعود الفضل لنشره لدار النشر أولا و أخيرا. وإن كان لم يخلو الأمر من مرات قليلة جدا أن كتب عنهم في الصحف أو المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي ضمن مراجعات نقدية.
قد يهمك أيضا : قصة قصيرة فناء البقاء عند حد التخطي / بقلم : شريف مصطفى
لحظة يا صديقي الذي ظننت أن هذا يمثل قضية كبرى عندي .. هذا لا يمثل إشكالية لي .. لأنني أكتب كي أمارس شهية الحياة .. فحين أكتب أشعر بأني حي، وأن هناك ثمة مكان في ذاكرة البشرية أنقش فيه حتى و لو خربشة تافهة قد لا يراها أحد أو تُرى بصعوبة .. لكنها خربشة قد يكتب لها البقاء ويأتي يوم يرفع عنها أحدهم غبار النسيان، أو قد يتراكم عليها الغبار حتى تختفي للأبد ……
هل هذا يهم ؟
نعم هو مهم عند الكثير لكن عندي لا يهم ما سيأتي و لا يهم ما يحدث .. لكن يهمني أني كتبت، وأني أعدت إنتاج فكر اكتسبته خلال رحلتي الزمنية المقدرة .. لم أهتم كم نسخة بيعت من كتبي ولم أسأل قط دار النشر هذا السؤال.
قد يسعدني أن تُباع كتبي وأن تنتشر وأن يذكر إسمي مقرونا بإبداعي المتواضع لكن لا أسعى لذلك ولم أطلب يوما من أحد أن ينشر لي عملا في جريدته .. فانا لا يهمني إلا أني مارست فعل الحياة بأني كتبت و أبدعت شيئا ما يعبر عني وعن ذاتي وعن رؤيتي للوجود. و أني خربشت على حائط البشرية خربشة ما حين طبعت أعمالي أو خربشتها عبر صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بي.
أؤمن أن الكل موجود لكن قليل منهم حي .. فالوجود لا يعني الحياة .. فالجمادات والحيوانات والشمس والقمر وغيرها هي موجودات وكثير من البشر أيضا موجودات لكن قليل من البشر أحياء .. فالحياة هي حركة العقل الواعي في رحلة إبداع ما.
لذلك أنا أبحث عن الحياة لا عن الوجود .. فالحياة روحية أبدية و الوجود محدود بإطار المادة التي تفنى عند الغروب … سأستمر أمارس فعل الحياة حتى لا يبقى منى إلا تلك الخربشة حتى و إن كانت تافهة وتائهة وسط الخربشات الكبري لأنامل المبدعين الأحياء الأبديين الكبار مهما طالت رحلة الزمن.