فى سورة الواقعة أقسم الله عز وجل بمواقع النجوم ، ولم يقسم بالنجوم نفسها ، وقال العلماء ان مواقع النجوم هي الأمكنة المضيئة التي خلفتها النجوم بعد احتراقها فى السماء ، وهذه الأماكن لاتنطفئ أبداً رغم احتراق النجوم ذاتها ، هكذا يرحل المضيئون من عالمنا الأرضي وتبقى أماكنهم مضيئة كمواقع النجوم تماماً التي أقسم بها العلى القدير ، تبقى مواقع الصالحين خالدة متمثلة فى أفعالهم وسيرتهم العطرة وقلوبهم التقية وتضحياتهم من أجل غيرهم . وكأن الله سبحانه وتعالى يقسم بما تركه المضيئون وراءهم بعد الرحيل مجازاً .
ولتعلم ياصديقى أن النخلة التى استرحت فى ظلها فى الصحراء ذات صيف لا تعرف من الذى زرعها ، وان الطلمبة التى شربت من ماءها عندما توقفت بعربتك فى الطريق الغريب ، لاتعرف من الذى غرسها ؟! والمصباح الذى آنس وحدتك وطمئن خوفك فى الدرب المظلم الطويل ، لاتعرف من الذى وضعه .. كل هذه الأشياء فعلها المضيئون ورحلوا وبقى ضوءهم ساطعاً خالداً يهدينا السبيل ، نعم ، قد يبتعد مصدر الضوء كثيرا ، ولكن يبقى النور بيننا ، يموت المضيئون ويبقى نورهم يسعى بين أيدينا كمواقع النجوم تماماً . ولاتعتقد ان نورك بعبادتك فقط ، صومك وصلاتك وحجك ، فنورك الحقيقى هو اضاءتك للآخرين وليس لنفسك فقط ، نورك فى قلبك ، ما قيمة مصباحك وانت تضعه تحت إناء ؟! ، فليكن نورك للعابرين .