حوار مع الصحفي إسحاق روحي.. حاورته دعاء أحمد شكري محراب الفكر أو صاحب الجلالة الصحفى والأديب إسحاق روحي : أهلا بك أعرف ولعك بالقراءة ، وبجريدتك ، كما ذكرت فى أول
الحوار، شغوفة أن أعرف أيهما تعشقه أكثر؟
– بدايةً أرحب بمجلة ( مبدعو مصر) التي يرأسها الصديق
( محمد عبدالقوي حسن ) ، وهو رفيق رحلة كفاح ، تمتد
لربع قرن ، رغم أننا لم نلتقِ حتي الآن ، وهذا يؤكد أن
للكلمات أجنحة تستطيع أن تجمعنا حتى إنْ لم نلتقِ وجها لوجه .
بالنسبة للسؤال ، لا يوجد مقارنة بين الجريدة والقراءة ،فلكلٍ منهما عشقه الخاص ، فلولا القراءة ما كانت الجريدة ؛ فقد تنتهي كل جرائد الدنيا ، وتبقي القراءة متربعة ،
فنحن نعيش حياة قصرت أم طالت ، ولكن بالقراءة نحيا آلاف الحيوات .. الجريدة مهنة أعشقها ، والقراءة حياة دونها الموت .
★ كم كتاباً تقرأ فى اليوم ؟ وكيف يكون مزاجك إنْ لم تلتهم كتاباً – وهو غذاء روحك -؟
– القضية ليست بالكم ، ولكن بالكيف ، فصعب في ظل ، مشاغل الحياة أن تلتهم كتاباً مثل حرب السويس لهيكل ، أو رواية مثل الجميلات لمحمد عبد السلام العمري ، أو رواية
مثل سلطانة الروايات لغالب هلسا ، ولكن نستطيع القول أن قراءة يومية لا تقل عن ساعتين – بخلاف قراءات العمل – أراها نسبة جيدة في يوم يتراوح من 18 إلى 20 ساعة ،
وما عداهم للنوم ، ولأنها قراءة يومية فهي متنوعة وكثيرة ، وما لا يتم منها اليوم يتم غداً ، فلا يوجد شيء ملزم ، و لكن هي متعة دائمة ما دمت اعتدتها .
★حدثنا متى وكيف حققت جريدتك منبر التحرير؟ وما الصعاب التي قابلتك حتى استقرت ؟
– الجريدة مشروع ولم تكن حلماً ، فحلمي لم يتحقق ، فمنذ
المرحلة الابتدائية وأنا أحلم أن أكون محرراً صحفياً ، وهذا
لم يتحقق سوى ثلاثة أشهر فقط ، و بعدها كان كل الشغل مكتبي ، من ديسك ، لرئيس قسم ، لمدير تحرير ، لمدير عام ، لرئيس تحرير ، و ليس محرراً في الشارع ؛ لذا حلمي يتحقق كلما حضرت مؤتمراً ، أو أجريت حواراً ،وحتي ذلك للأسف يتم بصفتي رئيس تحرير،وليس محرراً. و لم تقابلني صعاب صحفية في جريدة منبر التحرير، ولكن
كلها صعاب إدارية ومادية ، والحمد لله بطاقم العمل حدث الاستقرار ، خاصة أن شريكي الأستاذ مرتضي عبداللطيف العمدة لديه خبرة كبيرة ، وهو بدأ مثلي رحلة الكفاح فحدث
توافق غريب أحسد نفسي عليه.
هل أنت راضٍ عما وصلتَ إليه أدبياً ، وكصحفي مستقل ؟
– إطلاقا ؛ أدبياً كل المشاريع مؤجلة ، وهناك آلاف
الأوراق المكتوبة ، وأظن أن العمر قد يمهلني حتى أحققها،
و إن لم يسمح العمر فيكفي أنني أعيش علي أمل أن هذا
اليوم سيأتي وإن كنتُ أشك .
صحفياً راضً بنسبة 50 % ؛ فما زلت أحلم بكتابة حرة
حتي لو كانت ضد قناعات البعض ، وأعتقد أن هذا لن يتحقق .
★محراب الفكر : أخبرني أي الكتب أرضت عقل مفكر وقارئ مثلك ؟
-أولاً : كل كتاب مهما كان فهو مفيد ، حتي الكتابات التافهة تفيدك ، فأنتِ لن تقبلي عليها مرة أخري ، وإن لم تقرئيها فكيف ستكتشفين تفاهتها ، ولكن هناك قائمة تطول من الكتب استمتعت بها ، وأرضتني حد الشبق ، فكتب غالب هلسا ، وعلي المقرن ، وديسكوفيسكي ، وفاتحة مرشيد، و وي هيوي ، وصنع الله ابراهيم ، وشارلزبوكوفسكي ،
وعبده خال ، والطيب صالح ، وباتريك زوسكيند ، ونهاد سيريس ، والبرتومورافيا ، وجارسيا ماركيز ، وأنطون تشيكوف ، وسمر يزبك ، وكولن ويلسون ، وحيدر حيدر ,
طبعاً هناك من تخرجنا عليهم ، ولازلنا مثل : يحي الطاهر عبدالله ، ونجيب محفوظ ، ويحي حقي ، ويوسف إدريس ،وأمل دنقل ، ومحمد جبريل ، وإبراهيم عبد المجيد ،
وأدونيس ، ومحمود درويش ، وقائمة تطووووووول جدا ، وصعب تذكرها ، فهناك كاتب له عمل واحد وقع تحت
أيدينا ، مثل الكاتب أيمن الدبوسي التونسي ، وكُتاب من السعودية والمغرب وتونس وهذه إحدي فضائل الشبكة العنكبوتية.
★معظم راهبي الفكر كثرة القراءة أضافت لهم ، وأخذت منهم ، وكثيراً ما سببت لهم نوعاً من الانطوائية والتشكيك، هل مر إسحاق روحي بذلك ؟
– ليست انطوائية أو تشكيك ، ولكنها حياة جديدة نحياها كل
يوم ، فالسعادة شخصية ، فكما أن الشاب يجلس يلعب لعبة علي الكمبيوتر ، وينسي المذاكرة والأكل لساعات ، و نحن
حين نتعجب من ذلك فالعيب فينا ، أما هو فسعيد ، وأذكر أن أمي كانت تخاف عليَّ من كثرة الجلوس في غرفتي وحدي مع الكتب ، و كانت تتعجب ، وقد تتألم ، ولكنني كنت سعيداً مع الكتاب ، وهذه السعادة البعض لا يعرفها ، ولن يعرفها من لم يحيها بشكل من الأشكال ، فهي نفسها سعادة رجل الأعمال الذي يظل يعمل ساعات طويلة ، وينسي الأكل ، وكل شيء من أجل النجاح ، و هي نفسها
سعادة الطالب المتفوق الذي قد يطالبه والداه بأن يأخذ فترات راحة ، و وهي نفسها سعادة الطفل الذي يظل لساعات في البلاي ستيشن ، هي سعادة ، وليست انفصاماً أو انطوائية أو تشكيك ، وإن كان أي شك فهو إعمال للعقل
وهذ أمر به يومياً .
★ الكتاب الذي ندمت أنك أهدرت فيه وقتك الثمين؟
– لا يوجد لأننا إن لم نر التافه من الأشياء فلن نري القيم
منها ، وخلال العشرين سن الأخيرة ومع تطور وسائل
الطباعة خرجت عشرات المئات من التجارب التافهة ،
وبصفتي رئيس تحرير تأتي إليَّ الكتب كهدايا ، ومن وسط
مائة كتاب تجد واحداً جيداً ومن وسط مائة كاتب تجدين
مبدعاً واحداً ، وهذا يسبب لي فرحة بلا حدود ، أن نجد
مبدعاً جيداً ، أو فنان تشكيلياً جيداً ، أو مطرباً جيداً ، مع
إيماني المطلق أن هناك العديد من هؤلاء لم يتم اكتشافهم
بعد، والإعلام بعيد عنهم وهم بعيدون عنه بنفس المسافة .
★” أشياء عن النيل والأنثى والبكاء ومابينهم “
وهو عنوان رواية لن يكتبها إلا إسحاق روحي..
لمَ كتبت “نص إسحاق روحي” على غلاف كتابك ؟ ولم تكتب رواية ؟ وأهديت نصك إلى “إيرين” التي أحببناها و اشتقنا إلى أن نعرف من هى تلك الزاهدة من أجلك ؟
– كلمة نص قناعات خاصة بي فأنا أري الشعر العمودي والنثر ، والحر ، والعامي ، وفن الواو ، والمربعات والقصة القصيرة ، والأقصوصة ، والرواية ، كل هذه المسميات نصوص لذا أنا كتبت نصاً وليقيمه من يقرأ ، هل حقق له حالة ، أم لا ؟ فالمسميات لا تهم المهم النص
لذا كتبت عن أشياء عن النيل والأنثي والبكاء ، وما بينهم نص ، أما إيرين التي أهديتها النص فهي الحالة التي رسمتها في عقلي وقلبي ،وتحققت كما رسمتها بنسبة 80%
، وهي نسبة مرضية لي جداً ، فهي رأتني في كل حالاتي وتحملتني ، ووفرت لي ما كنت أحلم به ، بالنسبة التي ذكرتها ، وهي الآن زوجتي التي تتحمل الكثير من جنون
المبدع ، ودائماً أقول لها الزواج مشروع فاشل ، لذا قد تتغير نظرتي لو عاملتها كزوجة ، وهنا سيسقط كل مشروعي ، فما يدمر الزواج أن يشعر الرجل أو الأنثي
بالملكية ، ولكن لو ظلت في نظره الحبيبة والعشيقة والصديقة والصاحبة والأخت والأم ستنتفي الملكية ، وهنا ستستمر الحياة بشكل أفضل ، وهذه رؤية خاصة بي فقط ،ولا أفرضها علي أحد ، فإيرين هي الحياة ، بل كل الحياة ، بل إن أولادي يغارون منها ، ويقولون لي : ” أول مرة نري حد يحب مراته أكثر من ولاده ” فأقول لهم : ومن قال لكما أنها مراتي .
لم أحظ بقراءة نصك “عزلة” حدثني عنه وعن جميع بنات أفكارك السابقة والحالية ؟
-عزلة نص كتب في البدايات ، وهو حالة خاصة بوقتها ،تنبأت فيها بما سأكونه ، وتحقق منه 90% ، وتنبأت للبنات اللاتي كن في حياتي ، وما سيصلن إليه وحدث .فعزلة نص أعتز به ، ولكنه غير قابل لإعادة النشر ، وأهم
ما في هذا النص أن هناك فناناً كان في جامعة المنيا ، وهو أستاذ في كلية فنون جميلة ، رسم أكثر من 40 لوحة تشكيلية للنص ، دون أن يتقاضي مليماً ، و لم أره حتي الآن ، والزمن جعل مقابلته أصعب ، وأتمني أن أعرف
أين هو الآن ؟ ومن يعرفه فليدلني عليه ، وهو الفنان
الدكتور محمد عبدالمنعم ، فمن يعرف عنه شيئاً فليمدني به ، وهذا كل ما أعتز به في نص عزلة.
سؤال محال أن تجيب عليه ؟
– لا يوجد سؤال محال الإجابة عليه من شخص احترف
الكلام ، فكل الأسئلة مباحة حتي لو كانت جارحة ، كسؤال إو كإجابة ، فأنا مؤمن بأن كل شيء يقال ،ولكن كيف يقال؟
فنحن أحياناً نستخدم السباب كنوع من الفخر ، وهذا السباب نفسه يكون في موضع آخر سباباً يؤدي للقتل ، فنقول رأيت أديباً فاجراً في نص كتبه ، و الكلمة نفسها في
موضعآخر سباب ، وهناك أمثلة كثيرة مع تنوع السباب والأسماء التي نسب إليها .
ماذا أضفت للمواهب الشابة ؟
– صفحة المبدعين بجريدة ( منبر التحرير ) مفتوحة لكل المواهب الشابة ، فكثير من الصحف بها صفحات أدب، وكثيراً ما يجورون عليها ، أما في منبر التحرير فلايجور
علي هذه الصفحة أحد ، حتي لو كان مقال رئيس التحرير ،وأنا أحتفي بأي موهبة بشكل غير عادي ، ولكن أرباع المواهب وأصحاب شهادات التقدير والألقاب لا أحب أن
أعرفهم ، فأنا أحترم من يسعي للنص ، وليس لشهادة تقدير ولقب ، وأتمني أن أجد موهبة جادة كل ساعة ، فالموهبة الجادة تسكرني ، وهناك من أراهم علي صفحات الفيس
فأشجعهم ، واقف معهم ، وأعطي لهم النصيحة – إن كنت أهل لها – .
سؤال تقليدي : الجوائز التى فزت بها ومشوارك الأدبي؟
أحمد الله أني لم أفز بجوائز مثل جوائزهذه الأيام ،والجائزة الوحيدة التي أعتز بها جائزة القصة القصيرة علي مستوي مصر ، من الهيئة العامة لقصور الثقافة أبان رئاسة حسين
مهران ، وكانت في 8-6-1996 ومسجلة تحت رقم 1472و هي شهادة عن نص باسم ” من أوراق توما السرية ” وأرسلتها بخط اليد وقتها ، وبطابع بوسته بخمسة عشر قرشاً ، وما عدا هذه الجائزة فكلها شهادات وتكريمات
مشكوك فيها ، أما للمنصب أو للعلاقة الشخصية .
سعدت بالحوار معك .
– وانا أيضاً ، وأرجو أن أكون قد أجبت علي الأسئلة بما يرضي القاريء ، وأتمني لمجلة ( مبدعو مصر) أن تكون في المقدمة ؛ لأن من يقوم عليها رفيق رحلة طويلة جداً ،
أنا وهو ، ومحمود رمضان الطهطاوي ، ونبيل بقطر ،وعبد الرحيم الماسخ ، وغيرهم..