د.شعبان عبد الحكيم يكتب : قصة شرفة تطل على النهر للدكتور جمال التلاوى قصة لها جمالياتها الخاصة ، لجماليات السرد ، لأنها تتجاوز النهج الكلاسيكى للسرد ، بداية من بناء الزمن فنجد التداخل بين الماضى والحاضر فى السرد ،.
واختيار البيت الجميل مسرحًا للأحداث ، وتصبح الشرفة هى المشكلة لبنية النص ، والتى من خلالها تتمركز عدسة الراوى ، فمن خلال هذه الشرفة كان يرى النهر جميلًا متدفقًًا ، وكم رأى أبوه صورة الزعيم تملأ هذا النهر النهر رمز للصفاء والطهارة والحياة ،.
وافتقاده ببيعه اضطرارًا أفقد الأسرة هذه المعانى ، والكاتب فى هذه القصة يصنع مفارقة بين الماضى لهذه الأسرة ( حياة فيها الدفء والجمال والطهارة والنقاء ) تعيش الأسرة فى بيت جميل يحمل معانى الصفاء والنقاء ، والحاضر فقد تغير كل شىء ، بعدما تم بيع البيت ،.
لقد تغيرت حياة الأسرة التى هى رمز لمصر ، بعد عصرتأميم القناة ، عصر القوة والاستقرار الاقتصادى ، جاء عصر الفقر وافتقاد المهابة ، بموت الزعيم ، الذى يقابله فى القصة موت الأب ، والترنح الاقتصادى الذى كانت نتيجته بيع البيت ، .
والبحث عن بيت آخر يضاهيه ، ولكن هيهاتَ هيهاتَ ، لقد ضاع كل شىء حتى المحبوبة ، التى كان لها النشوة فى النفس لم تعد ، إيحاءً إلى ضياع الحب والأيام الجميلة التى لها طعامها الخاص ، تبدأ القصة من نهايتها ، .
حيث تقوم الأسرة بإخلاء المكان للرحيل ، بعدما اضطرت الأسرة إلى بيعه فى مرض رب الأسرة ، ولما كان المكان له قيمته التى لا تُضاهى ، فتحاول الأسرة جمع الأصص التى بها شجر البوتس لتنقله إلى مكان بيتهم الجديد ، .
ولكن لم يستطيعوا إيحاءً باستحالة إيجاد بيت يضاهى البيت الذى كانوا يسكنونه فى جماله ( يطل على النهر ) وبه الذكريات الجميلة ،أبوه يسمع خبر تأميم قناة السويس من هذا البيت ، وعندما يتأمل فى صورة الزعيم التى ملأت النهر فقام وقبَّله ، .
وكان مغرمًا بمشاهدة النهر جميلًا متدفقًا ، وسعد (الراوى ) بلقاء أول محبوبة (نادية ) وهى تركب الأتوبيس ، وعرف أنها جارة له ، واتفقا على اللقاء فى هذا البيت ، بل ويقبلها خجلة من تصرفه ، لقد كان أبوه شغوفًا برؤية النهر من هذه الشرفة ، .
وكان يتعلق بقدميه ، فيحمله ليرى النهر ، وبعد وفاة أبيه ظل يتابع النهر من هذه الشرفة بعدما استبدل بالشاى النيسكافيه ، لقد اضطروا لبيع البيت ، والبيت – هنا – رمزللماضى ، وبيعه تعبير عن تغير كل شىء فى حياة هذه الأسرة ، لقد تغيرت الحياة بهم وللأسوأ مع استحالة العيش فيها تعبيرًا عن مرارة الواقع .
ويُحمد للكاتب أنه عبَّر عن كل هذه الدلالات فى ثوب شفيف ، فلا زعاق ولا لهجة عالية صارخة ، ولكن نجد نصُّا تستمتع بقراءته ، وتبحث عن دلالاته فى ثوبه الفنى الرقيق .
قد يهمك أيضا