الكثير من كتاب الرواية يجتر من كتابات الآخر ، فمنهم من يعيد صياغة الأفلام العربية والأجنبية ، ومنهم من يكتب رواية لا تخرج عن كونها قضايا جريمة وخيانة وجنس في رواية واحدة ، لا جديد فيها ولا هدف يعود على المجتمع من كتابتها ، فقط فالكاتب يكتب للتسالي ، كما في القصص البوليسية للصغار التي لا طائل منها ..!!
ومنهم من يكتب عن المدينة وهو يقطن القرية ، فمهما أوتي من خبرة لن يكتب كما الكاتب المغروس في طين القرية الذي يرصد حكايات ناسها ويعبر عن همومهم وقضاياهم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم ، ولا من مانع أن يكتب عن المدينة ، ويجب أن يأتي بما يدهش القارئ ، ويغمسه في عالمه .!!
عندما قرأت بعض المطروح من هذا القبيل ، انتابني الملل .. فهل ضاقت الدنيا بالكاتب ، ونضبت الأفكار ، وغارت الرؤى ، أم أن ثقافته وقفت عند الجريمة والخيانة والجنس ليقيم عليهم روايتة ، أو لعله قرأ أو سمع عن جريمة نشرت في الصحف وعلى منوالها صار يكتب .!!
إن العالم بكل مافيه من قضايا وإشكاليات إنسانية وكونية وأحداث مفتوحة على مصراعيها ، تتيح للروائي الخروج من أطر محاكاة واجترار كتابات الآخر .
إن إقلاع الكاتب عن هذا المقتول كتابته ، والمجتر من الآخرين ، والمعاد صياغته ضرورة حتمية ، لتواجده المشرف بين كتاب الرواية .!
وعلى الناقد أن يكون مرآة صادقة للكاتب ، فعليه أن يتجنب المجاملات في عملية الحكم على العمل الأدبي ، فالناقد صاحب رسالة تقويمية وتبصيرية ، يجب عليه أن لا يحيد ولا يجامل ، وأن يكون أمينا في طرح إيجابيات وسلبيات العمل .!
إن الرواية فن من فنون الكتابة الأدبية ، فهي تحمل في ثناياها الوسيلة الراغبة في التصالح مع الآخر ، ويجب أن لا يقيدها أي أطر أيديولوجية ، ولا مانع أن تكشف الأساليب الخاطئة والمنحرفة والمتطرفة والشاذة التي لا تقبلها الفطرة السوية أو يجرمها القانون ، وأن يكون هدفها تقويم أي انحرافات إنسانية .
وفي نقد الرواية ، فعلى الناقد البصير أن يناقش فنيات العمل وما يعود على الإنسانية من كتابته بحيادية تامة كما ذكرنا سالفاً .
نبيل مصيلحي
عضو اتحاد كتاب مصر