نصر-الله-وخامنئي

هل باعت إيران حسن نصر الله؟

بعد اغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله من قِبَل إسرائيل، أثارت هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول موقف إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، وهل كان الاغتيال جزءاً من صفقة إيرانية أم نتيجة لضعف في نفوذ طهران في المنطقة؟ للإجابة على هذا السؤال، نحتاج إلى النظر في السياق السياسي والأمني في المنطقة، وكذلك تحليل العلاقات بين إيران وحلفائها.

السياق السياسي:

إيران كانت ولا تزال الداعم الأكبر لحزب الله منذ تأسيسه في الثمانينات. الدعم الإيراني شمل تقديم التمويل، التدريب العسكري، والدعم اللوجستي، مما جعل حزب الله يمتلك قوة عسكرية وسياسية كبيرة في لبنان والمنطقة.

ومع ذلك، فإن التحولات الأخيرة في المنطقة، وخاصة تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، أثارت تساؤلات حول مدى قدرة إيران على حماية حلفائها.

العديد من المحللين يرون أن عملية الاغتيال تُعتبر رسالة واضحة من إسرائيل تهدف إلى إضعاف محور المقاومة بقيادة إيران، وتحديداً بعد الضربات العسكرية الإسرائيلية المكثفة على مواقع تابعة لحزب الله في لبنان وسوريا خلال السنوات الماضية​.

هل كان الاغتيال نتيجة صفقة إيرانية؟

لقاء سابق لحسن نصر الله والمرشد الأعلى في إيران
لقاء سابق لحسن نصر الله والمرشد الأعلى في إيران

لم تصدر إيران حتى الآن موقفاً حازماً وواضحاً حول كيفية الرد على اغتيال نصر الله، مما فتح الباب أمام التكهنات بأن إيران ربما قد فضّلت الصمت أو التهدئة لتجنب مواجهة أوسع مع إسرائيل أو حتى مع الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب.

الموقف الغامض للقيادة الإيرانية، وفقاً لتصريحات بعض المحللين، يوحي بأن إيران قد تكون في وضع حرج وتواجه ضغوطاً إقليمية ودولية​.

بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن إيران تدرس تداعيات الرد العسكري المحتمل وتأثيره على مصالحها في المنطقة، خاصة أن اغتيال نصر الله جاء في وقت حساس جداً بالنسبة لإيران، التي تسعى إلى الحفاظ على استقرارها الداخلي وتحقيق مكاسب دبلوماسية، مثل التفاوض مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووي​.

موقف إيران من الاغتيال:

في أول تصريحات عقب اغتيال نصر الله، لم يُظهر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أي مؤشر على نية طهران الانتقام المباشر، مما أعطى انطباعاً بأن إيران تحاول الحفاظ على توازن استراتيجي في المنطقة، وقد أشار خامنئي إلى أن “جميع قوى المقاومة في المنطقة تقف بجانب حزب الله”، دون ذكر تفاصيل حول كيفية الرد​.

هذه التصريحات دفعت بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن إيران ربما اختارت عدم التصعيد المباشر، إما لعدم رغبتها في التورط في مواجهة شاملة، أو لأنها ترى أن الوقت غير مناسب للرد القوي، مما يفتح الباب أمام احتمال أن تكون طهران قد رضخت لضغوط أو اتخذت قراراً استراتيجياً بتجميد الرد العسكري.

التداعيات المحتملة:

على الرغم من أن اغتيال نصر الله يُعتبر ضربة قوية لحزب الله، إلا أنه لن يؤدي إلى انهيار كامل للجماعة.

بدلاً من ذلك، سيؤثر الاغتيال على الهيكل القيادي للحزب وسيؤدي إلى اضطرابات داخلية، وخاصة أن نصر الله لم يترك خلفه زعيماً يحمل نفس القوة والتأثير.

حزب الله الآن يواجه تحدياً صعباً في اختيار خليفة لنصر الله، وخاصة في ظل عدم اليقين حول موقف إيران الفعلي من الحادثة​، وقد ترددت أنباء في الساعات الأخيرة حول اختيار هاشم صفي الدين لخلافة نصر الله في الحزب.

تحليل الخيارات الإيرانية:

إيران أمامها خيارين رئيسيين: الرد المباشر والسريع، مما قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب مع إسرائيل، أو الرد غير المباشر عبر عمليات محدودة أو دعم الفصائل الحليفة الأخرى، مثل الحوثيين في اليمن أو الميليشيات العراقية، الخيار الثاني يبدو أكثر ترجيحاً في ظل التوترات الإقليمية والوضع الاقتصادي المتردي في الداخل الإيراني.

اغتيال حسن نصر الله يضع إيران في موقف معقد، ويثير التساؤل حول ما إذا كانت إيران قد خذلت نصر الله أو أنها في طور إعادة تقييم استراتيجيتها في المنطقة.

من غير المرجح أن تكون إيران قد باعت حليفها الرئيسي، لكنها قد تتبع سياسة التهدئة لتجنب المواجهة المباشرة، على الأقل في الوقت الحالي.

هذه السياسة قد تُعتبر بمثابة “بيع” غير مباشر من قبل البعض، لكنها في الحقيقة جزء من استراتيجية أكبر لإدارة الصراع الطويل الأمد مع إسرائيل والقوى الغربية.

اقرأ أيضاً: نجل حسن نصر الله في المكان الذي استشهد فيه والده يتوعد بالثأر

اترك تعليقاً