تحت رعاية الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أقامت لجنة العلاقات الدولية برئاسة الناقد د. شريف الجيار وعضوية الشاعرة د. شيرين العدوي والشاعرة إيمان يوسف والقاصة منى العساسي، ندوة تحت عنوان العلاقات الثقافية المصرية الروسية، استضافت خلالها السيد/ مراد جاتين مدير المراكز الثقافية بمصر والسيد/ شريف جاد مدير النشاط الثقافي بالبيت الروسي بالقاهرة.
بدأت وقائع الندوة بمقر النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر في تمام السادسة من مساء الخميس الموافق العاشر من أكتوبر الجاري.
مستهلًا حديثه رحب رئيس لجنة العلاقات الدولية بضيفيه، متحدثا عن عمق العلاقات المصرية الروسية ليس على المستوى الثقافي وحسب؛ وإنما على العديد من الأصعدة خاصة في مجالات التنمية، لكن الثقافة تظل هي الجسر والعمق والرافد الأصيل، مضيفًا: ونحن لنا الحظ الوفير إذ وفقت اللجنة في التنسيق والإعداد لاستقبال علمين من أعلام الثقافة الروسية وأن هذا تاريخ اليوم سيظل تاريخًا استثنائيا؛ إذ أننا نعتزم طرح العديد من القضايا الثقافية التي تهم الحضور ومن ثم ينعكس أثر ذلك الاهتمام على المتابعين للشأن الثقافي الروسي، ومثمنا من جهد عضو اللجنة د. شيرين العدوي أعرب الجيار عن امتنانه لبدء إرساء هذا الجسر من التعاون الذي أسفر عن ندوة الليلة.
متابعا وأما عن المجتمع الروسي فقد وجدته شديد الحضور والوضوح في مدينة الغردقة، فشعرت أنني أمام ثقافة متكاملة؛ نظرًا لوجود العديد من الأسر الروسية في تلك المدينة السياحية العريقة.
وفي تقديمه لجاتين، ثمن الجيار من الوجه البشوش الذي يميز جاتين وتلك الروح الطيبة التي ولا شك ستضيف إلى اللقاء حميمية وبهجة، مضيفا:
ولكن الحديث عن المستشار الثقافي جاتين وعلاقة المودة بينه وبين المصريين وإتقانه العربية بلكنة محببة قد يتطلب منا سويعات؛ ولكننا سنورد ما جاء في سيرته الذاتية:
ومراد جاتين من مواليد جمهورية تتارستان، تخرج في جامعة قازان الحكومية ومعهد أصول الدين واللغة العربية بجامعة الأزهر، كما أنه خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، حصل على درجة الماجستير فى مجال الإدارة الحكومية والعامة من أكاديمية الرئاسة الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، كان مستشارًا ومديرًا لقسم دول آسيا وأفريقيا بإدارة العلاقات الخارجية لرئيس جمهورية تتارستان، كما تم تعيينه مديرًا لإدارة التعاون مع الجمعيات الدينية التابعة لرئاسة جمهورية تتارستان، وهو مدير المركز الثقافي الروسي بالإسكندرية منذ ديسمبر عام ٢٠١٨، ويشغل حاليًا منصب مدير المراكز الثقافية الروسية فى مصر.
مستهلا كلمته بشكر اتحاد كتاب مصر ولجنة العلاقات الدولية تحدث جاتين عن عمق العلاقات المصرية الروسية وأن جذورها بدأت منذ مرور حجاج بيت المقدس على مصر في طريقهم إلى فلسطين، وأيضا الحجاج من المسلمين الذين توافدوا على الأراضي المقدسة عبر مرورهم على مصر؛ ولذا فإن العلاقات عن طريق الزيارات الدينية والتجارية التي ربطت بين الشعبين كانت سببا في إرساء دعائم الصداقة قبل سنوات عديدة وفي حقبتي الخمسينيات والسيتينيات زادت هذه العلاقات حتى امتدت إلى إنشاء مشروعات تنموية تعد مشروعات قومية كالسد العالي ومصانع الحديد والصلب وغيرها وامتدت حركة الترجمة لتمثل عصرًا ذهبيا في ترجمة الأدب الروسي، وعن التعليم أوضح جاتين أن روسيا تمتلك أنظمة مرنة في التعليم؛ نظرًا لأهميته وأن فرص التعليم لا تتقيد بعمر؛ إذ أن كل من أراد تعلم مهارة وإجادتها تتيح له المنظومة التعليمية تلك الفرصة، وعن روح التعاون أعرب جاتين عن سعادته بأن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وفخامة الرئيس فلادميير بوتن بينهما العديد من نقاط الالتقاء، وأن ذلك يعيد إلى الأذهان تلك الصورة الجميلة الموجودة في داخل الشعبين الصديقين والتي كانت موجودة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ونأمل أن تصل هذه العلاقات الطيبة إلى قمتها وتحقق ذروة التعاون المشترك، خاصة بعد استئناف التعاون في مجالات تنموية تمثل ركائز للأمن القومي المصري كمشروع الضبعة النووي وغيره من المشروعات القومية الكبرى.
وعقب الجيار على لغة جاتين العربية التي زادت من التفاعل بينه وبين الحضور، قبل أن يقدم ضيفه الثاني قائلًا: أنه اكتسب صديقا سيعتز بصداقته على الدوام؛ إذ أن روح التعاون والود التي أبداها جاد من المآثر التي تجعله يتمتع بحب في قلوب الجميع، ومن الصعوبة اختزال ما يقترب من أربعين سنة في خدمة الثقافة المصرية والروسية؛ غير أن شريف جاد استطاع بدبلوماسية وثقافة موسوعية احتواء الجميع ومعاونتهم، وعن بعض ما جاء في سيرته الشخصية فقد تخرج جاد في كلية الإعلام موسكو عام ١٩٨٦ وحصل على دورة في الإخراج والتصوير السينمائي في معهد السينما في موسكو عام ١٩٧٨ عمل محررا صحفيا بجريدتي الأهالي وصوت العرب من ١٩٨٨ إلى ١٩٩١، وهو المدير العربي للمركز الثقافي السوڤيتي منذ عام ١٩٨٨، ومدير النشاط الثقافي بالمركز الثقافي الروسي منذ عام ١٩٩١، ومؤسس ورئيس الجمعية المصرية لخريجي الجامعات الروسية والسوڤيتية، رئيس الاتحاد العربي لخريجي الجامعات الروسية والسوڤيتية منذ عام ٢٠٠٤، وبين عامي ٢٠١٨ حتى ٢٠٢٢، وهو نائب رئيس رئيس جمعية الفيلم، الأمين العام للاتحاد الأفريقي لخريجي الجامعات السوڤيتية والروسية، رئيس الوفد المصري في المهرجان العالمي للشباب سوتشي ٢٠١٧، رئيس الملتقى العربي لخريجي الجامعات السوڤيتية والروسية الذي عقد في القاهرة بمشاركة ١٤ دولة في نوڤمبر عام ٢٠١٨، نائب رئيس الوفد المصري في المهرجان العالمي للشباب سوتشي ٢٠٢٤.
ومستهلا كلمته بشكر النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر تحدث مدير النشاط الثقافي بالبيت الروسي بالقاهرة قائلا: أشكر اتحاد كتاب مصر ولجنة العلاقات الدولية وخالص المودة لرئيس اللجنة على مودته الأخوية الصادقة الملموسة منذ اللقاء الأول، كما أخص بالشكر الصديقة شيرين العدوي عضو اللجنة على بدء مبادرة هذا اليوم الجميل كما أشكر الصديقة منال رضوان على دعوتها لي لحضور مؤتمر الأدباء والكتاب العرب قبل أشهر قليلة والذي جاء ترسيخا لدور مصر إقليميا وعربيا وقد كنت وما زلت سعيدا بهذه المبادرات الطيبة التي تعكس روح الهدف الواحد الذي نعمل من أجله جميعا.
ويطيب لي شكر الصديق العزيز د. مراد على وجوده اليوم وعلى لغته العربية الرائعة، وإذا ما تكلمنا عن اتحاد كتاب مصر فهو عنوان له من الثقل والعمق بحجم ريادة مصر ووعي شعبها، وهنا الدليل حيث وجود هذا الكم من الحضور النوعي والفارق، والذي يعكس مدى توحد المواقف في كثير من الأمور، والشأن الثقافي من الأهمية التي تعكس مدى تجاوب الشعبين لنداء يمتلىء بالمودة والحميمية، وفي روسيا يعد الشاعر العظيم بوشكين أعظم الشعراء والأدباء الذين اتخذت روسيا من ذكراه يوما للغة وهو في السادس من يوليو من كل عام، والذي ينحدر من أصول أفريقية بالمناسبة، ولقاء اليوم يعبر عن تجاوز الثقافة التقييد والذي يبدو سابقة غريبة تمارس ضد الثقافة الروسية، والذي لا تقابله روسيا بالمثل؛ إذ أنها تعلم مدى التأثير الثقافي على تحضر الشعوب وخطواتها الفارقة في التاريخ الإنساني، وعن مدى التعاون في مجالات التنمية أضاف جاد: إن المشروعات التنموية التي تشاركت مصر فيها مع روسيا إبان الحقبة السوڤيتية أسفرت عن العديد من المؤثرات؛ فعلى سبيل المثال وجود قصور الثقافة واستلهام الفكرة حتى كان لدينا أكثر من ٧٠٠ قصرا للثقافة في مصر، ونذكر جميعا وجود مقر إقامة مهندسي روسيا في أسوان أثناء تشييد السد العالي، والذين حولوه إلى قصر ثقافة أسوان وقت مغادرتهم، وكذلك نتمنى أن تتحول مقرات مشروع الضبعة إلى قصور للثقافة كي نؤكد على دعم الفكرة ورقيها، كما إن التعاون الثقافي يعد تنمية حقيقية وهو بمثابة الاستثمار البشري ولدينا عمالقة في مجالات عدة قاموا بالدراسة في روسيا كالفنان رمزي يسى ود. عبد المنعم كامل وغيرهما ونتمنى أن يعود ذلك العصر الذهبي، وكما تعرف مصر أدباء روسيا مثل تشيخوف وديوستاڤيسكي وتولستوي وجوجل فإن الأدب المصري مقروء في روسيا ويعرفون الكثير عن نجيب محفوظ وبهاء طاهر وصنع الله إبراهيم وأذكر أن مستشرقة روسية شهيرة وهي د. فاليريا كربتشينكو قد نالت رسالة الدكتوراه في أدب يوسف إدريس، وهي ما زالت على صلة قوية بأسرته كما علمت منها ومن ابنة الأديب الراحل ود. ڤاليريا وهي صديقة عزيزة تمتلىء مكتبتها بالكثير من الأعمال الأدبية العربية، والثقافة المصرية في روسيا ليست الرافد الوحيد فقد كان الفن المصري في حقبة سابقة شديد التأثير وأذكر أن فيلم صغيرة على الحب لسعاد حسني ظل يعرض لسبع سنوات وعندما قلت لنادية لطفي إن فيلم النظارة السوداء استمر عرضه في روسيا سبع سنوات تعجبت فأخبرتها أن العمل كان يعرض في خمس عشرة جمهورية ومئات المدن، كما جاءت قبل أيام فرقة كونسرفتوار روسيا وقدمت حفلاتها كذلك نتمنى استقدام الفرق الفنية الكبرى، كالبولشيوي وغيرها حتى وإن كانت تلك الفرق تعقد حفلاتها بأجور باهظة غير أن دعم هذا الأمر لا شك سيكون مؤثرا، وعن مشروع لترجمة أعمال مميزة لأدباء روسيا من المعاصرين، تابع جاد قائلا قدم العديد من المبدعين إبداعات في الترجمة أضافت إلى الرصيد الإبداعي الإنساني لعل من أهمهم أبو بكر يوسف والذي تعد ترجماته إبداعات في حد ذاتها، ولكن نحن الآن لا نعلم شيئا عن أدباء معنا يقدمون إبداعات غاية في الرقي والإتقان وقد تقدم جاد قبل فترة إلى رئيس هيئة الكتاب السابق بمشروع للترجمة ولكن الآن لا أحد يعلم مصيره، مشيرا إلى دور اتحاد الكتاب الذي ولا شك إن تدخل لدعم هذه الفكرة لدى وزارة الثقافة وفق بروتوكولات منظمة للترجمة والترجمة العكسية فسيكون أمرا فارقا في تاريخ الثقافتين المصرية والروسية.
وفي كلمتها قالت الشاعرة شيرين العدوي أنها سعيدة بهذا اللقاء المثمر وأنها سبق وأن تعاونت مع د. جاد في تنظيم لقاءات ومنتديات في عملها الأكاديمي وأنه كان خير مثال على التعاون والدماثة والمهنية، بينما أعبرت الشاعرة السكندرية إيمان يوسف عضو اللجنة عن سعادتها بالوجود مع علمين مهمين في مجال الثقافة الروسية وقد اعتادت أثناء وجودها بالإسكندرية زيارة المركز الثقافي الروسي وتتمنى أن تتعرف أكثر إلى الأنشطة المميزة التي يقدمها البيت الروسي بالقاهرة عقب استقرارها فيها بشكل دائم، وطالبت المجتمع الثقافي الروسي ممثلا في الضيفين بتبادل القراءات لجيل الوسط والشباب في مصر وروسيا على السواء، وعبرت منى العساسي عن امتنانها للجنة والحضور على الأمسية وحسن تنظيمها، وفتح باب المداخلات لعدد كبير من الحضور ومنهم الكاتبة الصحفية والرواية نوال مصطفى التي عبرت عن سعادتها بوجود الأدب وأنه ما زال يقرأ حتى الآن بالشغف ذاته، وقالت بسمة الصقار أنها اعتادت من مدير النشاط الثقافي بالبيت الروسي هذه التفاعلية وأنها قرأت عن القديسة كاترين والتي يحمل أكبر وسام يمنح للنساء اسمها، وقالت الروائية منى عارف أن لها جذور روسية من جدتها لأمها وأنها ما زالت تحمل الذكريات والحكايات وتحتفظ بمجموعة من الدمى الروسية وأن زيارتها لروسيا من أفضل الزيارات التي لا تنسى، وتحدث الروائي أحمد محمود مدير إدارة التخطيط بدار الهلال وعضو جمعية الصداقة المصرية الروسية عن أن مؤسسة دار الهلال الصحفية لعبت دورا كبيرا في ترجمة أعمال كبار الأدباء الروس إلى العربية مثل تولستوي وتشيكوف والان تفتح آفاق التعاون مع دور النشر الروسية والأدباء الروس المعاصرين لترجمة أعمالهم إلى العربية تأكيدا علي دورها الريادي في إثراء الفكر والثقافة والتنوير في المحيط العربي.
وتحدثت الكاتبة الصحفية أنس الوجود رضوان عن أهمية اللقاءات الفكرية والثقافية التي يقيمها النشاط الثقافي بالبيت الروسي وأن مكتبة زوجها الأديب الراحل صبري موسى تضم الكثير من الكتب تفكر جديا في منحها إلى البيت الروسي للاستفادة منها، كما أن اللقاءات النوعية كلقاء رائد الفضاء الروسي سفيرشكوف وتصريحه أنه مستعد لتدريب رواد الفضاء من المصريين لأن مصر هي الشريك الأقرب لروسيا، وسيظل هذا اللقاء حاملا قيمة كبيرة في نفوس المصريين.
بينما أعبرت الناقدة الأدبية منال رضوان عن تجديد شكرها لفخامة الرئيس الروسي فلاديميير بوتن إذ أنه بزيارته التاريخية قبل سنوات لمقابر سانت جينييف دي بوا للمهاجرين الروس بضواحي باريس كانت بمثابة الإذن للكشف عن العديد من الوثائق التي توضح عمق ورسوخ العلاقات المصرية الروسية في حقب زمنية ممتدة عبر عشرات العقود، وقام الشاعر أبو الفتوح البرعصي رئيس شعبة أدب البادية بإلقاء بعض الأشعار باللهجة السيناوية وغناء بعضها ترحيبا بالضيوف داعيا إياهم إلى زيارة البادية في أقرب وقت. وقدم العديد من الضيوف مداخلات وشهادات على عمق العلاقات بين البلدين، وقد حضر اللقاء الشاعرة عزة رياض والكاتب الصحفي مجدي بكري فضلا عن شخصيات عامة وأدبية عديدة، وفي ختام الأمسية قدمت فقرة طربية تم فيها الدمج بين الأغنيات الروسية والعربية، والتقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.