الحاجز….. قصة قصيرة لـ بهاء الدين حسن
استدرجت الأم ابنها من بين الأطفــال ، وهــم فى سكرة اللهــو والمــرح حتى أوقعتـه فى الكمين !!
قبضت الأم على الطفــل وأمسكت ” الشبشب ” وتناولت أطرافـــه ومواضــع جسـده ، توسعه ضربـــا وتأنيبــا وتصيـح فى أذنــه ، وهى تكـاد تقرضها بين أصابعها ….
ـ ألم أقل لك لاتلعب مع أولاد بدرى … ؟!
فقال الطفل ….
ـ لكنهم أولاد عمى !!
فردت الأم بغيظ ….
ـ إن أباهم كثير الخناق معنا … إلى متى ستظل أبلها تأخذ كلامى فى قدميك !!
***
راح الطفل يتلـوى تحت أقدام أمه وهو يتوسل إليها طالبا عفوها وصفحها مع تقديم إذعانه لأوامر أمه …
ـ حرمت … حرمت ياأمى … حرمت اللعب معاهم ، من الآن أنا مخاصمهم !!
سالت من عينى الطفل الدمـوع فرفعت الأم يدهــا ، لكنها لـم تكف عن التأنيب
ـ إنت اليـوم محـروم من المصروف … محروم من الخروج … لاتفتح الثلاجة فـلا حظ لك فى الأكـل !!
***
أغلـــق الطفل عليــه باب الغرفـــة … تدثر بالمـلاءة ونام فى السرير منصاعا لأوامر أمه .
بعد غفـوة قام وقـد جفت دموعه … فتح النافذة ليطل على الشارع … إشرأبت رؤوس الأطفـال عندما لمحوه … أخذوا يلوحــون له … ينادون عليـه ، لكنه مطبق الشفتين مكبل اليدين !!
بعد الإفـراج عنه خرج إلى الشارع يجرجر خطاه … هبط درجات السلم بأقدام نشطة ، من الشـارع ألقى نظرة على نافذة الــدار ، لاحظ وجـه أمه يطل رقيبا عليه … أشـاح بوجهه عن رفاقــه … جلس وحيــدا يجمع أمامه قطع الطـوب وراح يضعها فوق بعضها فشكل حاجزا صغيرا !!
***
الرفاق يائسون من الإقتراب منه وهو مايزال منصرفا إلى عمله يضع الطوبة فوق الأخرى فى حذر شديد ، وعند وضع الطوبة الأخيرة تهاوى الحاجز !!
ابتسم له الأطفــال … ابتسم لهم ، ثم ضجــوا بالضحك فاندمــج معهم ، رفـــع وجهــه إلى النافـذة ومـد بصره حتى ذلك الوجـه فخمدت ضحكته ، وعمل من جديد على إعادة بناء الحاجز !!