العقل والوجدان في تلقي الأديان بقلم : محمد جاد المولي ، وقفة تأملية بمناسبة العام الهجري الجديد .. كل عام أنتم بخير وإيمان وقرب من الله في المكان الذي يحب الله أن يرانا وبما يحفظ جوهر الإنسان فينا
العقل والوجدان في تلقي الأديان
أعرف أن أصدقائي من المثقفين الذين أحترم دائما رؤاهم في تلقي فكرة الدين وما يتمحور حوله من أفكار وتفسيرات تتباين حولها رؤاهم ، ولا أعتقد أني حتى دخلت في جدال مع أحد بلغ مثلا حد التراشق حول وجهة نظره في مسألة ما ، .
أحترم الجميع برغم اختلافي الحاد معهم غير أني لا أملك الحقيقة لأحتد على أحد وإنما أعبر عن قناعاتي كما يعبرون عن قناعاتهم ، هذه ليست مقدمة تمهيدية لما سوف أقول بل أعتبرها دعوة للمناظرة والحوار لأستفيد أنا أولا . .
هناك من يحاول أن ينتصر للعقل وحده في تلقي الدين وهذه الفكرة ليست مستحيلة فحسب وإنما هي خبيثة وتحمل أهدافا وضيعة يتبناها إما أصحاب الغرض أو أصحاب المرض ، فهناك مسائل لا يمكن تقبلها بالعقل وهي من وجهة نظري بالدرجة الأولى اختبار للعقل الباطن أو للعقل الروحي ومدى إيمانه بما يمكن أن ينسب لقدرة الله عز وجل ، .
وهذه الأشارة تنطبق بالطبع على كل الشرائع السماوية . بالنسبة لي أؤمن بسفينة سيدنا نوح ومائدة سيدنا عيسى وعصا سيدنا موسى ومعراج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
الأهم عندي هو إيماني المطلق بالقرآن الكريم ودلالاته الواضحة إلى أن الإسلام فقط هو الدين وما دونه ما إلا شرائع تباينت في دلالتها إلى الله وفي أحكامها ، وأجدني دائما ألجأ إلى القرآن الكريم فقط حتى لا أعطي مجالا واسعا للبعض الذين يطعنون في صحة الأحاديث .
بوضوح وبشكل مباشر لم يأت نبي ولا رسول بغير الإسلام أما عن الحنيفية واليهودية والمسيحية وغيرها التي جاء بها أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم هي شرائع وليست أديان وهذا ثابت في القرآن الكريم وعلى ألسنة كل الأنبياء .
قال تعالى على لسان سيدنا نوح ( وأمرت أن أكون من المسلمين ) وعلى لسان سيدنا إبراهيم ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ) .
وعلى لسان سيدنا سليمان ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو علي وأئتوني مسلمين ) وعلى لسان سيدنا يعقوب ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .
وعلى لسان سيدنا موسى ( يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) وعلى لسان سيدنا عيسى ( فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) وحتى على لسان المؤمنين من الجن ( وأنّا منا المسلمون ومنا القاسطون ) .
لذلك أجد سطحية عند البعض في تلقي قوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ) فهم يتلقونه من زاوية ضيقة وهي أن الإسلام هو الدين الخاتم.
فيجب أن يكون هو الدين الذي نسخ كل الأديان السابقة ، وإن كان في تلك النظرة حقيقة غير أنها حقيقة محدودة فالإسلام هو البداية والختام وإنما جاءت هذه الشرائع ممهدة له ، تلك الشرائع التي إن تأملناها فلن نجد في جوهرها اختلافا في العقيدة سوى في عقيدة التثليث وتأليه المسيح وبعض الانحرافات الفكرية المتنطعة والمتشددة والتطرف بغرض الاستثقاف الذي يتبناه حتى بعض المسلمين ولكن الجوهر كما قلت لو تأملناه فسوف يشير إلى عبادة إله واحد .. لا إلى آلهة متعددة أو أديان متعددة .
بقلم : الشاعر محمد جاد المولي
نقيب الكتاب بالاقصر
قد يهمك أيضا