“حَنِيْنُ الطَّيْن” .. * في رثاء الفقيدة الغالية الأخت/ ريم المالك ، رحمها الله
تَعَاوَرَهُ عَلَى وَجَعِ الْغِيَابِ شَجَى الذِّكْرَى وَأَرْوِقَةُ الْيَبَابِ
تَلَمَّسَ صَدرَهُ أَشْلَاْءَ حُبٍّ وَأَخْرَجَ زَفْرَةً ذَاتَ اِلْتِهَابِ
وَحَنَّ إِلَى حَنَانِ الأُخْتِ يَوْمًا حَنِيْنُ الْغَيْمِ مِنْ فَيْضِ السَّحَابِ
نَعَوْا رِيْمًا فَلَمْ أَسْطِعْ سَمَاعًا وَلَمْ أَسْطِعْ عَلَى دَفْعِ المُصَابِ
وَلَمْ أَقْدِرْ علَى كَبْحِ انْفِعَالِيْ وَأَغْرَقَ وَجْنَتِيْ بَحْرُ انْتِحَابِ
مَسَحْتُ دُمُوْعَ قافِيَتِيْ مِرَارًا وَسِرْتُ خُطًى إِلَى عُقْرِ السَّرَابِ
سَأَلْتُ اللهَ يَا رَحْمَنُ رَبِّيْ فَأَلْهَمَنِيْ إِلَى فحْوَى الصَّوَابِ
تَنَاوَلْتُ الدَّوْاةَ سَلًى لِقَلْبِي فَتَغْمُرُهَا الْمَدَامِع لا تُحَابِي
أُنَادِي : يَــا أُخَيَّةُ كُلَّ حِيْنٍ فَمَا مِنْ هَمْسَةٍ أَوْ مِنْ جَوَابِ
وأَسْمَعُ فِي زَوَايَا الْبَيْتِ وَجْدٌ وَصَمْتٌ فِي الْمَجِيْءِ وَفِي الذَّهَابِ
وَعِنْدَ شُرُوْقِ وَجْهِ الشَّمْسِ دَوْمًا وَعِنْدَ غُرُوْبِهَا يَبْدُو ارْتِيَابِي
أَرَى فِي نُوْرِ وَجْهِ الْقَوْمِ رِيْمًا وَأُبْصِرُ وَجْهَهَا تَحْتَ النِّقَابِ
وَأَلْمَحُ نُوْرَهَا قَمَرَ الَّليَالِي يُضِيْءُ الْحَالَ مِنْ فَرْطِ اضْطِرَابِي
عَفَافُ الْمَاءِ فِيْ طُهْرٍ وَدِيْنٍ وَبِرُّ الأُمِّ وَالأَبِ وَالصِّحَابِ
وَآلَامًا وَأَوْجَاعًا طِوَالًا تُطَهِّرُهَا كَتَطْهِيْرِ الثِّيَابِ
فَيَا أُمَّاهُ وَالْجَسَدُ المُسَجَّى فتَكْفِيْنًا وَبُعْدًا لِلْعَذَابِ
وَقُـرْبًا لِلسَّعَادَةِ عِنْدَ رَبٍّ يُكَافِئُ صَبْرَهَا قَبْلَ الْحِسَابِ
أُعَانِي الْفَقْدَ يَا قَلْبِيْ وَرُوْحِيْ وَأُهْرِقُ دَمْعَتِيْ مِنْ حَرِّ مَا بِي
وَأبْحَثُ عنْ زَمَانِ الأَمْسِ وَلَّى وَأَنْشُدُ عِطْرَهَا وَسْطَ الْمَرَابِي
وَأَعْلَمُ أَنَّ هَذَا المَوْتَ حَقٌّ قَضَاءُ اللهِ سُطِّرَ فِي الْكِتَابِ
فَيَا رُحْمَى عَلَى تلْكَ الْمَعَالِيْ وَيَا رُحْمَى عَلَى ذَاكَ الْجَنَابِ
فَقَدْنَا فِيْكِ بَعْضًا مِنْ رُؤَانَا وَتِحْنَانًا لِأَيَّـــــــــــــــــــامِ الشَّبَابِ
رِيَادَتُكِ الَّتِي فَاقَتْ وَذَاعَتْ وَحُبُّ النَّاسِ مِنْ لِيْنِ الْخِطَابِ
وَمِنْ عَزَمَاتِهَا حَارَتْ عُقُوْلٌ وَمِنْ نَفَحَاتِهَا طَيُّ الصِّعَابِ
لَعَلَّ اللهَ يُجْزِلُ فِيْكِ أَجْــرًا وَيَفْتَحُ جَنَّةً مِنْ كُلِّ بَابِ
وَيَجْعَلُ قبْرَهَا رَوْضًا فَسِيْحًا وَفِي الْفِرْدَوْسِ تَنْزِلُ بِالرِّحَابِ
مُنَعَّمَةً نَعيْمًا لَيْسَ يَفْنَى وَلَا تَبْلَى الْجُسُوْمُ عَلَى الْإِيَابِ
فَمَا الدُّنْيَا سِوَى سَفَرٍ لِزَادٍ وَخَيْرُ الزَّادِ مِنْ تَقْوَى الثَّوَابِ
سَلَاْمٌ لا يُمَاثِلُهُ سَلَاْمٌ عَلَيْكِ وَرَحْمَةٌ ذَاتُ اِقْتِرَابِ
وَيَا ذَا الشِّعْرُ هَلْ لِيْ مِنْ سَبَيْلٍ إِلَى الأَفْيَاءِ يَا حُسْنَ الْمَآبِ
-لَعَمْرُكَ- مَا الْحَيَاةُ هُدًى لِبَوْحٍ يَحِنُّ مِنَ التُّرَابِ إِلَى التُّرَابِ
*شعر: عبد الإله المالك