عندما يتيح لك وقتك قراءة قصة ما ، تفتح صفحة الكتاب الذي يحوي المجموعة القصصية التي بين يديك ، فأنت بين أمرين مع بداية القراءة ، إما أن تستمر في القراءة بشغف ، وإما أن تطوي صفحة الكتاب وتفضّل النوم الذي أصابك بنعاسه . وعندما تناولت مجموعة ( تذكرة للعودة ) للقاص شحته سليم ، لم أشعر بالملل ، أو الخمول الذي يدغدغ أعصابي ، أو يثقل رأسي النعاس. وبما أن الكتابة إنسانية ، يشترك فيها الكاتب بالكتابة ، والقارئ بالقراءة ، فهي حصرية لهما ، فقد خصهما الله بالعقل ، وهو وعاء التفكير والتأمل في جنس البشر . فالقصة القصيرة ، لا تمر على القارئ مروراً عادياً ، فإذا مرت على القارئ ولم تحرك فكره ومشاعره ، فنعزو هذا إلى الكاتب الذي لم يتقن صياغة قصته ، أو إلى القارئ الذي لم يستخدم عقله ويتأمل في عالم القصة . أما ( تذكرة العودة ) فهي من النوع الذي يجذبك حين تبدأ القراءة إلى حين تنتهي منها ، حيث يمتاز الكاتب في هذه المجموعة ، بالعديد من السمات ، التي يمتلكها من فنون الكتابة ، لتجعله يجيد مهارات فنية عالية التقنية في فن السرد القصصي ، ومنها : ــ ممارسة صياغة العبارة ، والحرص على تكثيفها ، بما لا يرهق القارئ ، أو تصرفه عن القراءة . ــ ممارسة رسم اللوحة السردية رائعة التعبير والتدليل عن الحالة الشعورية والنفسية بالصور الفنية ، في حوارٍ أو تذكرٍ أو وعيٍ. ــ الحفاظ على بناء قوي للقصة يشمل عناصرها .. المكان/ الزمان/ الأحداث / الأسلوب / الشخصيات / الحبكة . ــ روعته في استخدام خصائص القصة القصة القصيرة .. وحدة العناصر / وحدة التكثيف / الإثارة والحركة . وزاد من إعجابي ، عدم التكلف في استخدام ، واستدعاء المفردات الكلامية المعجمية الصعبة ، مما جعل مفردات القصص تواكب الحالة الشعورية ، وانسياب العبارة لتليق وتتسق وتنسجم وتتناغم مع أقرانها في القصة . وبين التراجيدي ، والرومانسي ، والاجتماعي ، تلعب الدراما دورها ، بالإثارة والحركة وحيوية الأحداث وتصاعدها، لتلامس النهايات المرصودة . وبقراءة السيرة الذاتية للأديب القاص والناقد ( شحته سليم ) ، نرى له الكثير من الأعمال الأبداعية التي ترفع الستار عن مشواره الجاد والرائد في الكتابة السردية ، بما يمتلك من فصاحة اللغة ، وبحكم دراسته ، وتخرجه في قسم اللغة العربية ، بكلية الأداب جامعة الزقازيق ، ومتابعاته بكتابة البحوث والدراسات الأدبية ، التي يكتبها عن كبار الأدباء ، نرى أيضاً أنه يُعد من الأدباء المجيدين المتميزين على الساحة الأدبية العربية ، ونرى أنه قد سجل اسمه بقائمة كتاب القصة في العالم . ـــ