يقول الفتى المنسيُّ تحتَ سمائه
تَعِبْتُ…. وَلَم يعبَأْ طبيبٌ بدائِهِ
هو القلمُ المثقوبُ ينزفُ حِبُرهُ
تحومُ طيورُ الفقدِ حَوْلَ فِنائِهِ
وكم زرع المعنى وُرُودا بهِيَّةً
إذا ظَمِئَتْ تُسقَى بماءِ بكائهِ
فلولا صَبِيَّاتٌ يَعِشْنَ بِجِلْدِهِ
قَضَى لمْ يُطِقْ طعمَ المرارِ بمائِهِ
ينادي على أبْعاضِهِ نصفَ عمرهِ
وينجو إلي المنفى بنصفِ حيائه
يحاولُ كسرَ ا لرُّوحِ حزنٌ مسلَّطٌ
فيكسرُ سيفَ الحزنِ طيفُ إبائِهِ
وما تنثني أعصابه ذاتَ هزَّةٍ
صبورٌ ولمْ يخدشْ بياضَ ردائِهِ
نبيٌّ إذا جارتْ عليهِ بلادُهُ
بنىَ جبلاً مسْتَعْصِماً بِحرائهِ
ليصنعَ في كهفِ المواجع عُزْلَةً
شيَاطِينُهُ تُصغي إلى شُعَرائِهِ
يموتُ على عُكَّازه مُتَوَضِّئا
ويُلقى على الدنيا خطابَ رثائِه
على جلدهِ وشمُ الأحبة بصمةً
وقد نقَشَت تَأْريخها بدمائهِ
وتسأله عن كيفَ كان يزورها؟
برغمِ جدار الحزنِ سُمكِ بنائهِ!
وهلْ جسدٌ يمشي إلى جسدٍ كما
دمُ الشجرِ الماشي بجوفِ لحائهِ
فيوحي إليها الماءَ وحيَ حقيقةٍ
ولم يختلطْ شكُّ الظِّماء بمائهِ
إذا اجتمعَ العشَّاقُ كانُ ملوكُهمْ
مآذنَ يصطفُّون خلفَ ورائهِ
ولو بذلوا ماءَ العيون محبَّةً
لكانوا جميعا بعضَ فيضِ عطائهِ
ففي قلبهِ نارٌ تأَجَّجَ صمتُها
إذا عدلوا ؛ حُزنانِ من نظرائهِ
له لغةٌ قدْ يفهمُ الطير كُنهها
قصائِدهُ توحي إلى أنبيائهِ
مزاميره مزمار داوود روعةً
وتبكي إذا أُسْمِعْتَ بعضَ بكائِهِ
له كبدٌ حرَّى تُعَذِّبُهُ .. له ؟
وما لهُ إلَّا أَنَّةٌ بغِنائِهِ
محمود حسن
الوسومالشاعر محمود حسن شعر شعر فصحي شعر فصيح قصيدة بالفصحي قصيدة شعر