من حكايات الزمن الجميل
——————————
(١٠ )
أم محمد
الأيام بتمر بسرعة قوي.. وكل يوم بحس إني كبرت وشلت الهموم بدري.. ونسيت إني لازم أعيش واتمتع بالحياة.. لكني إنشغلت بالشغل وشيل الشيله مع أبويا.. بعد ما أشتغلت في حاجات كتيره.. زهقت من معاملة أصحاب المحلات والشركات والتحكم في خلق الله.. علشان معاهم فلوس واللي بيشتغل عندهم في الأيام دي بيعتبروه فقري أو بمعنى أصح عبد يتحكموا فيه.. فكرت مع نفسي وقلت لأبويا مش هشتغل بره تاني.. أبويا فهمني وضحك وسكت.. بس انا فهمت إنه عايزني اجرب كل حاجه واغلط واتعلم من غلطي تنفعني لما أجوز وأفتح بيت.. أكون اتعلمت فن الحياة أو فن الدنيا.. المهم إنتقلت من مكتب الدكتور فتح الله إلى مكتب الشئون العامة بكلية طب أسيوط.. واتعرفت على الموظفين اللي فيه.. وهما عرفوا إني واد الحاج علي العامل في حسابات كلية الزراعة.. وعرفت الواد على الطويل اللي معاه دبلوم صنايع زي وبيشتغل عامل نضافه.. وساكن في درب الست نفيسه بغرب البلد..
وقربنا من بعض وبقينا أصدقاء قوي.. نأكل ونشرب شاي وقرفه مع بعض.. ونتفسح في أسيوط كل يوم.. أيام ما كانت شوارع أسيوط فاضيه وبالذات شارع الترعة الابراهيمية ياااه تتمنى تقعد فيه.. مفيش زحمة ناس ولا دوشة عربيات ولا شباب بيشرب حشيش ولا معاكسة بنات.. وبعد كام اسبوع من شغلي في إدارة الشئون العامة طلب مني الأستاذ جمال عبد الغني أشتغل بعد الساعة اتنين عامل خدمات في المعمل المركزي بالكلية بأجر رمزي.. طبعا قلت حاضر وقلت لأبويا قالي زي ما تحب.. وانا كده يا نعيم هسرح الغيط لوحدي.. كنت هرفض الشغل بعد الضهر لان أبويا صعب عليا.. تاني يوم طلعت المعمل في الدور الخامس جنب قسم الطب الشرعي.. ودخلت المعامل.. واتعرفت على الست أم محمد وعرفت منها إن اللي بيعمل البحث الأستاذ الدكتور ممدوح شعبان..
وسألت الأستاذ نبيل فانوس فني المعمل عن البحث.. فقالي الدكتور ممدوح اخترع وسيلة جديدة لمنع الحمل عبارة عن كباسين بتتزرع في دراع الحريم علشان تنظم الخلفه.. قلت وأنا مستغرب.. حاجه عظيمه خالص.. وبدأت الست أم محمد تحكي ليا عن شبابها وأيام شغلها في المدينة الجامعية بنات وعمايل البنات السوده.. وأنا بصراحة مش مركز معاها في الكلام عن البنات.. وفي يوم زعقت فيا وقالت أنا بحكيلك علشان تتعلم.. ولما تتجوز تعرف صنف الحريم وكيدهم.. ضحكت.. فزعقت فيا تاني وقالت محدش يفسد البت غير بت زيها.. قلت أزاي يا أم محمد قالت البنات بتبقى جايه من القرية خام وتستحي من أي حاجه تحصل قدامها.. وأول ما تتعرف على بنات البندر وتعاشرهم.. تبدأ تقلدهم في الأول وبعدين بتعديهم في كل حاجه.. عارف بتكون تصرفاتهم أكتر منهم في الرقص والغناء وبلاوي تانيه كتير..
أنا شفت من بنات المدينة الجامعية أيام سوده.. ربنا يكفيك شر عمايل ودلع البنات.. كلمتها دي خلتني كرهت صنف البنات.. وبدأت أقلق من ناحيتهم.. حكيت لصاحبي علي.. ضحك قوي وقالي حد يكره النعمه.. بصيتله بغيظ لحد ما خلص ضحك.. طلب مني أروح عنده البيت وأتغدى معاه ملوحه في شم النسيم.. وياريتني ما رحت.. أول ما دخلت درب الست نفيسة لقيت ناس كتيره ملمومه حوالين خناقه حريمي.. ركنت العجلة وشفت اتنين ستات عرايا زملط.. ونازلين ضرب في بعض وفي أماكن يا لهوي.. ولما سألت عن سبب الخناقه.. عرفت من راجل عجوز إنهم بيتخانقوا على مين اللي عليها الدور تنام في أوضة النوم الليلة.. قلت يا نهار أسود.. الله يقطعك يا علي.. لفيت بعجلتي من شارع تاني ورحت عنده.. اتغدينا وخرجنا نلعب كوره شراب في ميدان سوق التلات.. وبعدها رحت شفت بيت شفيقه ومتولي..
وسهرت مع علي في غرزه تحت الأرض أقصد مكان كانت الناس بتدارى فيه ايام الحرب يقولوا عليه خندق.. ورجعت بيتنا وأنا مش قادر أنسى منظر الحريم اللي بتتخانق مع بعض.. وسألتني أمي أجبلك تتعشي يا نعيم عدس بجبه معمول فوق بوق فرن الخبيز .. قلت لع انا شبعان يا أمي.. بس عايز أنام.. ونمت فوق سريري اللي مصنوع من جريد النخل وعنيا مفتوحة للسماء.. وبفكر في كلام أم محمد.. وبنات المدينة الجامعية.. وكباسين الدكتور ممدوح.. ودرب الست نفيسه.. وحكاية شفيقه ومتولي.. ياااه حكايات ودروس اتعلمتها من هنا وهناك من بدري قوي.
قد يهمك: