نعيم الاسيوطي يكتب: من حكايات الزمن الجميل “الحلقة السابعة”

عميد الكلية، اتعلمت من تجربة شغلي بمعرض السجاد.. إزاي أتعامل مع الناس بعقلهم مش بقلبهم.. ورجعت أحفظ قرآن من جديد وافتكرت عمي الشيخ سعد جعلص.. وواظبت على الصلاة.. صحيح كنت بتأخر شوية لظروف الشغل أو بكون في الشارع رايح أسلم بوسته لمكتب الإدارة العامة بالجامعة القديمة ومعظمها لمكتب الأستاذ الدكتور/ حسن حمدي رئيس الجامعة.. لكن الأهم إني كنت بصلي واقرأ القرآن.. وأبحث في كتاب فقه المذاهب الأربعة عن الحلال والحرام ..

وفي صباح يوم جديد.. ركبت عجلتي النصر ورحت شغلي بدري في كلية الطب البشري.. وأول ما دخلت مكتب العميد الأستاذ الدكتور/ محمود فتح الله علشان أمسح البلاط والسجاد.. والمكتب والكرسي الهزاز.. وكمان الانترية.. وأشغل المراوح والتكييف والتلاجة.. فوجئت بالمروحة العمودية مكسورة.. وكل جزء منها في مكان.. حاولت اركبها لكني فشلت.. وعرفت إنها كده خلاص باظت.. شويه ولقيت عمي جمال داخل عليا المكتب وبيزعق فيا جامد قوي.. وبيتهمني إني كسرت المروحه.. وهيطلب من البيه العميد يخصمها من مرتبي اللي يدوب بيساعد أبويا في مصاريف البيت وتعليم إخواتي.. الصراحة أنا اتغاظت منه جدا..

وعرفت إنه راجل كداب.. وإنه أكيد هو اللي كسرها.. وبيتهمني فيها بالظلم .. عمي جمال راجل كبير في السن وأنا والله كنت بحبه جدا لأنه في مقام والدي.. وفضل يشتم ويسب ويلعن فيا.. بأني مهمل ومش بحافظ على لقمة عيشي.. وأنا والله ساكت مش عايز أرد عليه ويزعل مني.. وفجأة جه المكتب بدري على غير عادته معالي العميد.. وقبل حضور باقي الموظفين وعلى رأسهم الأستاذ/ عبد المنعم والمدام نجاة والانسة رجاء.. وغيرهم من بنات مكتب السكرتارية.. وأول ما قعد معالي العميد عل كرسي المكتب لقيت عمي جمال بدأ يمثل إنه مظلوم وبيبكي بحرقة شديدة .. ومفيش ولا دمعة نازله من عيونه ساعتها عرفت إنه راجل كبير وكداب.. وقلت في سري حسبنا الله ونعم الوكيل..

الدكتور فتح الله كان إنسان هادي جدا بس ذكي ومحترم مع الجميع.. وبيعرف كويس عمايل الناس .. طلب من عمي جمال يخرج بره المكتب.. وأول ما خرج وقفل الباب.. سمعت صوت الأستاذ عبد المنعم بيقوله واد الشيخ علي لازم يدفع تمن المروحه أو نبلغ أمن الجامعه.. شاور عليا معالي العميد إني أقرب منه أكتر وأكثر لحد ما وصلت عند كتفه اليمين ..

لف الكرسي وبص في عيوني وأنا كمان بصيت في عيونه.. وشفت فيها طيبة الدنيا كلها وحنية الإنسان والأب.. وسألني إنت كسرت المروحه يا نعيم .. مسكت المصحف اللي على مكتبه وحطيته على عنيا.. وحلفت بالله العظيم إني ولا أعرف حاجه عنها.. غير إني جيت الصبح انضف مكتب حضرتك ولقيتها مكسورة.. دا كل اللي حصل والله العظيم يا دكتور .. قالي خد الجنيه ده وأنزل هات لنفسك فطار ومتزعلش.. أنت أبوك راجل طيب وبيخدمنا كلنا.. أخدت الجنيه ولسه هخرج من المكتب ..

زقني عمي جمال والأستاذ عبدالمنعم بالقوة وكنت هقع على الأرض.. رجعت تاني معاهم للبيه العميد.. وعايزيني أمضى على ورقة بأني كسرت المروحه علشان تتخصم من عهدة عمي جمال.. البيه العميد رفض وطلب منهم يخلوني أمشي وهو هيعرف مين اللي كسر المروحه عن طريق رفع البصمات.. هما سمعوا كده ووشهم راح تلاتين لون.. أنا خرجت من المكتب ونزلت كافتريا ثابت بدوي وجبت ساندوتشين طعمية وقعدت اكلتهم.. وعديت على عمي عبد العليم شربت عنده شاي وسمعت منه كام حكمه.. شافني عمي زكي ريس العمال وعرف بموضوع المروحة.. بوط فيا وقالي متخفش يا ابو الشيخ علي..

وعطاني خمس حبات من الملبس النادلر .. ضحكت معاه وعرفت إن زي ما الدنيا فيها ناس شريرة فيها برضه ناس طيبه.. وعدي يوم واتنين وتلاته وسمعت إن اللي كسر المروحة ناس فعلت حاجه غلط ضد الدين والشرع.. والبيه العميد خد قرار بنقلهم من مكتبه.. وربنا يكفينا شر الحرام .. والحمد لله ربنا نجاني من كيد الشياطين.

اترك تعليقاً