أنا والكاتب هيثم القليوبي في سفينة الإبداع الروائي/ بقلم: نبيل مصيلحي
لكل كاتب أسلوبه الذي يميزه عن الآخر في السرد ، خاصة في كتابة القصة القصيرة والرواية .. ومختلف ألوان الإبداع .. في صياغة عباراته ، وتراكيبه اللغوية ، وتناوله لفكرة موضوعه ، الذي سيكتب فيه ، وقدرة إدراكه للواقع الذي يعيش فيه ، وكيفيه التعبير عنه .
كما تلعب الثقافة دورها المهم في كشف أغوار المعارف التي يقدمها الكاتب في صفحات كتابه ، الذي يطرح فيه العمل الأدبي ، وهي مخزونه المعرفي المتراكم لديه في ذاكرته ، فالثقافة تميز الكاتب عن غيره ، فبها يفتح أبوابا كثيرة للمعارف داخل العمل الأدبي الذي يقدمه للمتلقي ، كما تمنح النص الأدبي رونقه وتألقه .
وكما نعرف ونؤمن أن اللغة هي القوام الأساسي الذي يبنى عليه أي عمل أدبي ، فاللغة كما قالوا هي وعاء الفكر ، وأزيد على ذلك ، بأن المعرفة وعاء الثقافة ، وأن الثقافة وعاء الرقي والحضارة ، وبمعنى أشمل أن الإبداع الأدبي يرتكز على اللغة ، ولابد للغة أن تتسق وتتناغم وتنسجم مع فكرة الرواية وأحداثها وأشخاصها وزمانها ومكانها ، كل هذا يساعد في بناء قوي للعمل الأدبي .
كما أن للثقافة دورها في التعبير عن الواقع، بكل ما فيه من ظواهر ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة المجتمع . وكما ذكرنا أن خصوصية الثقافة تعتمد على مخزون الكاتب من المعارف ،ودرايته بالأحداث من حوله ، اجتماعية كانت أو سياسية أو تاريخية مثلا .. هذا لأن الرواية تعد من الأنواع الأدبية الأكثر صلة بحياة الناس اليومية .
وقد استطاع الكاتب هيثم القليوبي .. أن يعبر عن الواقع الذي يعيش فيه ، ويطرح قضية من أهم القضايا التي تؤرق المجتمع ، وتضعه في بؤرة التوتر ، وعدم الاستقرار ، والخوف من المستقبل .
ولمست من خلال قراءتي لرواية ( قنص الأفاعي ) ، كيف جسد الكاتب لغة الرواية لسرد الأحداث تجسيدا بارعا ، غنيا بمفردات اللغة العربية الفصحى ، كما أن لغة الحوار كانت متناسقة تماما لمعطيات الرواية ، بعيدة عن كل ما قد يضع الرواية في لغة ركيكة أو سوقية تافهة فتعيبها ، أو يجعلها غير متناغمة ومنسجمة مع سياقها العام .
أنا والكاتب هيثم القليوبي
ودائما يأتي الحوار وسيلة من وسائل التواصل والتفاهم بين الرواية والمتلقي ،وهو ضرورة تعد إنسانية وثقافية لتلاقي الأفكار،وهذا ما فعله الكاتب.
ولقد تناول هيثم القليوبي .. قضية من أهم القضايا التي شغلت وتشغل الرأي العام ، بل تشغل مؤسسات كبرى في المجتمع المصري ، كما يقول البعض عنها أنه قضية من قضايا الإرهاب الأسود ، والذي يعتنقه من لا عقل له ولا قلب ، ولا إنسانية ، ولا دين …. فأصحابه يهجرون كل قيم نبيلة وشريفة وعفيفة وصالحة ، ويذهبون في طرق شياطين الجن والإنس ، يتخيلون ويتوهمون أنهم على طريق الحق. كيف وهم ينفذون جرائمهم بقتل وسفك الدماء البريئة وتخريب وتدمير كل ما هو أخضر ويابس في وطنهم .
وهذا ما حدث مع صبري علم الدين ، الذي انحرف عن صوابه ، وانضم إلى جماعة متطرفة منحرفة غير سوية ، لم تر غير الجريمة لتنفيذ مخططاتهم ، فكانت الدهشة والعجب والحسرة والندامة ، أنه أضر بنفسه وبابنته وبزوجته ومستقبلهم جميعا ، وقذ ذاق مرارة جريمته في إزهاق روح ابنته فلذة كبده ( خلود ).. الطفلة البريئة التي لا جريرة لها، وانقلبت حياته إلى جحيم تأنيب الضمير .
وقد تطرق الكاتب إلى الأفكار الرجعية التي ساقت الإنسان السوي إلى الانحراف والتطرف ، وأدت إلى ضياعه وفقدانه استقرار حياته ومستقبله .
الرواية تحتاج إلى أكثر من الاستهلال أو التصدير الذي كتبته عنها ، فأنا في هذا المقام لم أتناول الرواية كناقد ، إنما أحببت أن أقدم هذا الكاتب للحياة الأدبية ، ككاتب له فكر ورؤية .. أراه سيتقدم سريعا في مقدمة كتاب الرواية العربية .
الكاتب الصحفي
نبيل مصيلحي
عضو اتحاد كتاب مصر
8 من يونيو 2021 م
قد يهمك أيضا: احمد اسماعيل يكتب : الصور الشعرية في فخامة امتداد العبارة وشمولتها عند نبيل مصيلحي / سكة الصابرين