الشعر الأبيض
ها أنت ذا تقف أمام مرآتك تشاور عقلك : هل تصبغه باللون الأسود ؟ أم تتركه على حاله القديم ؟؟ ، ووضعه الذي ألفته.كل هذه الأعوام والسنين …… ؟؟؟
هل تعمل بنصيحة زميلك في العمل والذي أعطاك بعضا من الأكياس هدية لك واختصك بها وحدك ، واشترط عليك ألا تخبر الباقين لأنها من أجود الأنواع ، وغير متوافرة بالأسواق ، وجاء بتوصية من أقرب الأقربين . تحاول تمرير الفرشاة والتي تأبى المرور على الأسلاك الشائكة فوق رأسك الكبيرة … كأنك ترى عقوقها ، و تسمع ردها عليك : لن تجدني بعد اليوم صابرة ، ولا أطيع لك بعدها أمرا . تعيد المحاولة ، وتأخذ بالأسباب .
تتذكر قول أحد الزملاء في حلقة النقاش : اللون الأسود حرام . يأتيك صوت من المرآة : لو أطعت ترجع شبابا كما كنت ، تعود إلى الوراء عشرين ألف عام ، على الفور توافق عليك أجمل الفتيات ، وتفتح أمامك الأبواب . تستطيع بسهولة اجتياز المقابلة الشخصية ، والفوز بالإعارة إلى إحدى دول الخليج ، والتي تقوم وتقعد ، تنام وتستيقظ ‘ تحلم بها ، تظن في قرارة نفسك أن هذا هو العائق الوحيد أمام تحقيق أحلامك .
تشيح بيدك رافضا من يقول لك : على مهلك !!! ، بالراحة يا عم الحاج وانت تهرول لتلحق بقطار المترو إلى الصعيد …. لا تفرح كثيرا داخل القطار المزدحم وأنت تجلس على مضض بعدما تجد الأسن منك يقوم لك : اتفضل يا عم الحاج … !!!! تعتقد في نفسك أن شعرك الأبيض هو السر .
تتذكر صورة أبيك والذي اتفق الجميع أنك تشبهه إلى حد بعيد ، بل ربما يكون وجهك وجهه ، رأسك رأسه ، وشعرك شعره ، فأنت هو ، وهو أنت ، فكثيرون قالوا بأنك نسخة بالكربون منه .
تسأل نفسك : هل جلوسك المستمر أمام قبر أبيك وحدك
ومكوثك غير بعيد عنهم من أهم الأسباب …. ؟؟؟
تبكي كثيرا يعدما ذهبوا وتركوك وأمام قبره تناسوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ربما كان هو السبب الوحيد ….
ينبهك مجيء الظلام ، و صرير الهواء بأن جميع الزائرين قد انفضوا من حولك .
تجري بسرعة البرق لتلحق بسفينة العودة قبل أن تتخلى عنك ، و تتركك هي الأخرى لمصيرك المجهول .
تلعن في نفسك الأبيض ، والأسود ، وكل الألوان ، والأصباغ ، والمساحيق .
قصة قصيرة بقلم / العربي شعبان . نادي أدب مغاغة
قد يهمك أيضا
نادي القصة بأسيوط يعلن التفاصيل الكاملة عن جائزة القصة هذا العام