لا شك أن معرض القاهرة الدولي للكتاب أضحى من أهم المواسم الثقافية في مصر والعالم العربي إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
و لازلت أتذكر أجواء المعرض في طفولتي وتلك الحالة الجميلة التي يصنعها المعرض حيث أصلح قبلة القراء والمثقفين وفيه يلتقي الجميع وتدار الفعاليات.
وفي السنوات الأخيرة بدأت بعض العوامل المحيطة به تصنع تغييرات بدت واضحه للجميع.
من بين تلك العوامل هو طغيان السوشبال ميديا التي كان لها اكثر من تأثير
أولها. التأثير على تفضيلات القراء واختباراتهم للكتب بناء على كميه الدعاية وطريقتها وكم المروجين لها وأسلوبهم ونوعيتهم.. وبالطبع هي دعاية غير تقليديه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وبعض برامج التلفزيون… الخ
ثانيها. تشجيع فئات كثيرة من غير المؤهلين لممارسة الكتابة لدخول هذا المضمار دون تدريب أو تأهيل أو امتلاك لأدوات الكتابة وحتى دون تحصيل قدر متواضع من المعلومات أو الخلفيات الثقافبة. وبذلك تشكل قطاع عريض جدا من أشباه الكتاب الذين يزاحمون الكتاب في مضمار الكتابة ومعظمهم من الشباب والفتيات حديثي السن من طلبة أو خريجي الجامعات وقد تجد أيضا من بينهم طلاب وطالبات المرحلة الثانوية. حتى انه يقال ان الكتاب هم رواد المعرض ويتندر البعض قائلين (لا يزال البحث جاري عن قراء في المعرض حيث ان الجميع من الكتاب ). ولذلك نتساءل هل أصبح معرض الكتاب معرض للكُتـاب بضم الكاف وتشديد التاء…
ولا يمكن إغفال سبب مهم جدا من أسباب دخول كل تلك الفئات الي مضمار الكتابة هو تلك الهالة المقدسة والمكان الرفيعة التي يتميز بها الكاتب في المجتمع ولذلك يطمحون للوصول إلى تلك المكانة.
ومن العوامل التي شجعت تلك الفئات على ذلك هو عدم أمانة الكثير من دور النشر الصغيرة والمطابع المتواضعة التي تتلقف كل طامح في نيل لقب كاتب وطباعه محتواه بين دفني كتاب دون إسداء النصح له بالمراجعة أو عرض المحتوى على كاتب متخصص أو التمهل حتى يكتسب الخبرات المسوغات التي تجيزه ككاتب أو تساهم في أجارة كتابه. ومن الأسباب أيضا فقدان تواصل تلك الفئات مع الأدباء والكتاب والنقاد وعدم تمكنهم من الوصول لهم في أندية الأدب أو الجمعيات و الصالونات الأدبية.
وعلى الرغم من كل تلك السلبيات التي ذكرناها والتي تسببت في ظلم بين لكثير من العناوين المهمة والجيدة وإجحاف حق الكثير من الكتاب الكبار والصغار أصحاب الأعمال الجيدة في الظهور بالشكل اللائق بهم. بين كل تلك العناوين الإصدارات الغير محققه
الا أنني أرى جانبا ايجابيا في تلك الحالة التي تحدثنا عنها وهي ان المجتمع كمل أصبح ينظر للكتابه على أنها عمل مقدس ورسالة مهمه والكاتب على أنه نجم يطمح الجميع في تقليديه والتشابه به والفوز بلقب كاتب.. ومن الإيجابيات أيضا ان يستقر في وجدان المجتمع والعقل الجمعي صوره ذهنيه إيجابيه عن القراءة والاهتمام بالكتب والمعارض. ولعل تلك النقطة المضيئة تكون بارقة أمل في مستقبل افضل مجتمعاتنا ينطلق من حب المعرفة والثقافة والقراءة.
لازلت احلم بأن يكون المعرض في كافة أقاليم مصر وان توضع آليه يمكن من خلالها توجيه المواهب المبتدئين نحو التعلم والمراجعة والاستفادة من الكيانات والصالونات الأدبية و أندية الأدب وان يتم إيجاد وسائل التخفيض كلفة صناعة الكتاب وبالتالي سهوله الحصول عليه وتداوله. كما أتمني ان يتم تفعيل المكتبات المتنقلة في الأقاليم ودعم وتفعيل دور المكتبات في كل مدن وإقليم مصر.
بالقراءة والمعرفة ترتقي الأمم.
- د. مصطفي ضبع
- مصطفى ضبع. كاتب روائي ومسرحي محاضر مركزي بوزاره الثقافه باحث في التراث