جلباب العايق
سمعت عنه كثيرا من أمي وأبي وإليوم أصبح حديت اخوتي الكبار في البيت صباحا ومساء . لماذا ؟؟؟ لست أدري .
وبعد خروجي توا من مسجد مركزنا الكبير وأنا أراه أمامي بجلبابه ، وعطره ، وعصاه الغليظة . لا يمد يده إليهم، بل هم من يسعون إليه ، يعطيه كل واحد منهم ما أفاء الله به عليه ، مبتسما له، وعن طيب خاطر منه. ..
أكاد أجزم أن في الأمر شيء ، وها أنا ذا أتذكر ملامحه رويدا …
قال أبي لابنه البكري وهو يعظه : (فاكر عمك العايق لما كان بينزل عندنا البلد علشان يغني في الأفراح ، ويحي الليالي الملاح … !!!!! )
تأوه أخي الأكبر ، تظاهر بالنعاس ، جحظ أبي له عينيه فوضع يده على فمه وكتم ما كان يفعله . لكن الأصغر منه أومأ لنا برأسه إلى الأمام والخلف … يتظاهر لنا أنه يتذكر . بينما قلت له وأنا الأصغر : كنا نعرفه من عطره الذي لا مثيل له ، وجلبابه الجديد ، وعصاه الغليظة التي لم يكن يتوكأ عليها يوما ، بوميء لها بطرف عينه فتقف على أصبعه الأكبر ، تتمايل معه يمينا تارة ، ويسارا أخرى، على ألحان ونغمات أغانيه التي كان يختار كلماتها بنفسه ، وربما يهش بها علينا إذا أراد هو ذلك عندما يشعر أننا خرجنا عن النص ، أو أخرج أحدنا كلمة لا يستطيع بلعها ، و لا يراها في مكانها الصحيح منه ، فتقف في حلقه .
كنت أمشي وراء أبي وهو يمشي خلفه ، يراقبه ليعرف من أين يأتي بقماش ملابسه الجديدة ، و التي لامثيل لها ، و من هذا الذي يفصلها له … ؟؟؟
هل هو إنسي مثلنا ؟؟؟ أم من الجان ؟؟؟ كما كان يقول أبي لأمي ، .متحديا ، واثقا أنه سيكسب رهان أهل القرية جميعا . وعمدتها الذي تعهد بدفع نصف ممتلكاته لمن يعرف السر …. ، تشيح إليه بيدها وتضحك .
تقول له : كان غيرك أشطر .
بعدها ترك زيارة أبي في منامه وزارني مرات كثيرة .
ليالي طويلة ، كنت أساأله عن سر عطره ، وجلبابه ، وعصاه الغليظة التي أصبح يتوكأ عليها . هل ستلهث خلفنا كعادتها ؟؟ ام سترقص عندما يأمرها كما كان يفعل ؟؟؟؟
قصة بقلم/ العربي شعبان
نادى أدب مغاغة
قد يهمك أيضا