محمد نبيل محمد يكتب : فى معارك الوعى انتصر فرسان الصعيد عبرت قواتنا المسلحة خط بارليف .. امتلأت الدنيا فرحا وفخرا بقواتنا المسلحة التى لم تعبر المكان فقط بل عبرت – ايضا – الحاجز النفسى الذى كان يهدد بانهيار مجتمعى امام مشاعر الهزيمة المؤلمة ومهانة اغتصاب الارض المقدسة, ولم يتوقف الامر عن سلب الملموس فقط بل تجاوزه لسلب الامل ووأد الغد قبل ميلاده , لذا فرح المصريون بالعبور الذى لم يكن عبورا مكانيا من الغرب للشرق وفقط , بل كان عبورا للقادم من الاحلام الممكنة والامال الطموحة , كان عبورا انسانيا شاملا ولم يكن فقط عسكريا , هكذا اعتاد المصريون العبور, تلك المفردة الباعثة لمكامن القوة فى نفوس المصريين والملهمة لانتصارات متتالية , وهكذا كلما كان التحدى امام المصريين صعب المراس كانت انتصاراتهم اعظم , وكانت غناوى النصر أكثر بهجة , وكانت حكاوى الفخر وصلا للقادم من الاجيال , مازلت اذكر فى صبايا غناوى الحنجرة الذهبية للحجار الذى شدى بأهل الصعيد (قالوا علينا ديابة واحنا ياناس غلابة , ده لكل ديب حكاية ليها عبرة واية , لا تشوفها فى القراية ولا عرفتها الكتابة , هما اللى بيظلمونا , هما اللى بيتهمونا , وقال بيخافوا منا وهما اللى خاوفونا , انا ديب والا ضحية ) للخالد الابنودى الذى رافقته فى نهايات ايامه بمستشفى الجلاء للقوات المسلحة وعندما سألته عن تلك الاغنية تحديدا قال بوضوح مباغت : ” الصعيد كنز لم يكتشف بعد” , وسكت , وراح , وشرد بعيدا كأنه يتفحص صنوف الكنز, ومن زمان الصبا وانا الحظ تجمعات المقاهى حول حكايات الصعيد , رحم الله الحاج محمد صاحب الرحاية , وامد فى عمر شيخ العرب همام صاحب الحوار الأعظم عندما تجادل مفتخرا بنسبه ومعتزا بأصله مع مراد بك المملوكى :” انا اجدر اعد اسمى للحد ابويا ادم ! اما انت يا مراد المماليك ما تعرفش حتى ابوك” , يا بوى على عظمة المصريين !! , ويا بدع الصديق عبد الرحيم كمال المتصوف فى جمال الصعيد , احتشد الفرسان مع اعلان بدء فعاليات مؤتمر ادباء الصعيد الذى استظل بعنوان يشى من نبأه بخبر عظيم , “الثقافة بناء الفكر وتحصين الوعى ” , هؤلاء الشعراء والكتاب من سوهاج المووايل والوادى الجديد القريب واسيوط العاصمة جاءوا للمنيا عروس الصعيد التى ضربت اروع المثل كنموذج مصغر لمصر الكبيرة التى تحتضن الجميع, هكذا المنيا استضافت بكرم طائى ادباء الصعيد تحت رعاية محافظها اللواء اسامة القاضى هذا الفارس – ايضا – العاشق للثقافة والمدرك لكونها سلاحا يصون للمجتمع الصعيدى امانه وسلامه , وعلى دربه سار شعراء وكتاب المنيا محمد عبد القوى وياسر خليل واسامة ابو النجا ومختار عبد الفتاح وخلف كمال وعصام السنوسى وابتسام الدمشاوى وغيرهم الكثير من كرماء المنيا , واجملهم اشرف عتريس هذا المنتصر على ابتلائه الذى اصر ان يزامل ادباء المنيا فى استقبال بقية فرسان الصعيد , تلك مزية يتفرد بها هؤلاء , وفى زاوية الصورة كان المطرب محمد من اصحاب الهمم عضو الفرقة القومية لكورال اطفال الميا الذى تغنى لمصر كفارس مغوار يتحدى الاعاقة حتى ابكى الحضور لا من شىء الا من افتتانهم بعشق هذا الصبى الصعيدى لمصر , وزاوية فى الصورة اكثر القا لفتاة صعيدية , الفنانة ندى ايمن بطلة العرض المسرحى اطياف البهنسا للمخرج الرائع حمدى طلبه , ندى اكرمها البصير بنعمة البصيرة ومن عليها بموهبتى التمثيل والغناء , وهى التى اصرت على استقبال بناة الفكر وحماة الوعى رغم طول مسافتها من بيت ثقافى بنى مزار ومديرته سماهر التى تعطى هى الاخرى صورة مشرفة لبنات الصعيد, ويبدو ان المنيا النمموذج المصغر لوطنها الاكبر مصر قد استشعرت البطولة المبكرة والادارة الناجحة فى امين عام المؤتمر الدكتورة اسماء عبد الرحمن التى ولدت فى سوهاج وتعلمت ودرست فى المنيا واقامت باسيوط كأستاذة للادب الشعبى باداب جامعتها , وهى المرة الاولى التى تتولى سيدة امانة مؤتمر ادباء ليس فى الصعيد وحسب انما فى مصر كلها , ولما لا ؟! , والعنوان الثقافة .. بناء الفكر وتحصين الوعى , هكذا يعطى ادباء الصعيد المثل على انفسهم اولا , ويفعولون ما يقولون , وليرسلوا لمصر قاطبة ان اياح حتب القائدة المنتصرة وهدى شعراوى المثقفة الواعية مازالتا تتواصلا مع حفيدات المصريين وبناتهم , ويقبل الصعيد بالمرأة شريكا ليس فقط فى الحياة المادية عملا واكتسابا , ولكن – ايضا – هذه المصرية شريكا يتقاسم بالعدل بناء الفكر للعقل الجمعى وصيانة الوجدان وتنمية مدركات الوعى العام , وتعود ملك حفنى ناصف باحثة البادية صاحبة كتاب المرأة والعمل من جديد وبأسماء مصرية شابة متمثلة فى الباحثة رضوى محمد يونس فى بحثها ” تجليات المكان فى المجموعة الشعرية ” , والباحثة ريهام علاء الدين المشاركة ببحث “الملامح الشعبية فى رواية المشاء لفراج فتح الله” , والدكتورة ريحاب الدخيلى رئيس قسم اعلام اسيوط التى قدمت بحثا عن “الاعلام ونشر ثقافة السلام” , وبنجاح ملحوظ شاركت الدكتورة احلام ابو نوارة ابنة المنيا التى أدارت جلسة المائدة المستديرة لشعراء البادية , ونظمت الشعر بحرفية وبحس مرهف الدكتورة وئام عصام عن نادى ادب قصر ثقافة اسيوط , وهكذا كانت المرأة الصعيدية نموذجا فاعلا فى مؤتمر ادباء وسط الصعيد وكانت لمشاركتهن دلالة ومعنى , اما الدلالة فكانت تحقيقا عمليا لايجابية مشاركة المرأة فى شتى مناحى الحياة المصرية , والمعنى كان بمثابة انهن بنجاحهن قد ارسلن للفنانة الدتورة ايناس عبد الدايم وزير الثقافة بشهادة نجاح لجهودها فى تحقيق دور المرأة فى بناء الفكر وتحصين الوعى . ودخل من ابواب الصعيد وفد فرسان الادب من سوهاج على رأسهم الشاعر اوفى الانور وبصحبته المكرم الاول فى المؤتمر البطل القادم من اكتوبر النصر, الشاعر احمد الخطيب فى رسالة تكريم له تحمل معنى ورسالة : ان جيل اكتوبر مازال هو الملهم للنصر والعبور , وحضر من سوهاج مثيلا مشابه فى القيمة الثقافية لمؤسس كلية الالسن – الاولى – السيد رفاعة ابن طهطا سوهاج ,
نقلا عن ” صحيفة الجمهورية”
الكاتب: وكيل وزارة الثقافة ورئيس اقليم وسط الصعيد الثقافي
قد يبهمك أيضا
الرئيس عبدالفتاح السيسي : أي تدخل للجيش المصري بليبيا بات يحظي بشرعية دولية
الرئيس عبدالفتاح السيسى : الجيش المصرى من اقوى جيوش المنطقة تصنيفا وقدراتا