موسوعة ادباء مصر.. الشاعرة/ نهى رجب
موسوعة ادباء مصر.. الشاعرة/ نهى رجب

موسوعة ادباء مصر.. الشاعرة/ نهى رجب

سيرة ذاتية أدبية

نهى رجب محمد

(نجوم إيه اللي هتجبها
روح اتغطى ونام بَدري
وإحلم يا بني على قَدَّك
وعَبي جيوبك الفاضية
من النجْمات
وهات حِته من القمره
وإبني فوق سطوحها البيت
وحُط الكرسي من بَنُّور
وهات كم غيمه واطويها
ونادمني وانا موافق
محدش يرفُص النِعمه
رُوح اتغطى ونام بدري
وإحلم يابني على قدك…)
لأنني مغرمة بالحكي سأختار أن أروي لكم قصتي مع الشعر، كما كانت تحكي جدتي الحبيبة، يرحمها الله..
زمان زمان، وكان يا مكان، يا سعد يا إكرام، كان هناك صبية حالمة تحب الأشجار ويبهرها النخيل، مغرمة
بسنابل القمح، تعشق كل أخضرِ وأزرق، وقعت في غرام النهر. كم ثرثرت مع السحابات المتقافزة، وتحدثت
إلى  الحمامات حديثا ودوداً، وطربت لزقزقة العصافير، وسامرت النهر الخالد؛ لأنه كان الأقرب إلى قلبها
على الدوام!
كان اسمها نهى، أحبت الكتب، وقرأت منذ طفولتها المبكرة. وتعلق قلبها بالمطالعة، أُغرمت بسلسلة المكتبة
الخضراء التي التقت على صفحاتها مع  سندريلا وذات الرداء الأحمر، وكانت هدايا والدها الحبيب من
القصص تبهج روحها.
ورويدًا رويدًا كبرت الطفلة، وصارت صبية يافعة، تتصفح قصص عبير، ومجلات ماجد، والعربي، وكبرت
أكثر وصارت شابة، تستهويها قراءة يوسف السباعي ويوسف إدريس، وتدندن مع ديوان شوقي، وحافظ،
وإبراهيم وناجي، وجبران، والسياب، وأمل دنقل، وتهتم بعالم طه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، وتوفيق
الحكيم، ومصطفى محمود.
كان شغفها الأول الكتابة، دونت الخواطر، والقصص القصيرة، في المرحلة الابتدائية، وعندما خطت
أولي محاولاتها الشعرية جرت لوالدها الحبيب وقرأت عليه ماخط قلمها، صفَّق لها الوالد مبتهجًا، وأجلسها
جواره ليعلمها بحور الشعر وأسراره..أنسَت لدندنة الكلمات، ووقع النغمات وجرسها على روحها.
من يومها اصطحبها إلى قصر ثقافة البلدة؛ لتزور مكتبتها، وتستعير ما تحب من دواوين، أو روايات، أو قصص.

ميها كتاباتها؛ لتستفيد من كل الملاحظات، وتحاول
في كل مرة التجريب والتحسين والتجويد، ومنافسة نفسها وكتابة الأجمل والأصيل.
جربت كتابة قصيدة فصيحة عمودية، وحاكت النمط الموسيقي، والتزمت القافية الموحدة، وقلدت قصائد
والدها وأشعارًا قرأتها.
كانت بنت أبيها، وجدت فيه الأنموذج والقدوة، وهو الشاعر المغمور المغرم بالشعر الكلاسيكي.
ثم جربت التحرر قليلاً من أسر القافية الموحدة؛ لتكتب شعراً حرًّا مرسلاً، لكن لم يستهوها إطلاقا كتابة
قصيدة النثر، وظلت محبةً ووفية للالتزام بالموسيقا الشعرية، واستلهمت الرمز أحيانًا.
عندما صارت في الثانوية العامة، عرفت كيف تكتب قصيدة متكاملة البناء، وانضمت لنادي أدب مغاغة.
نعم كان تواجدي هناك بمثابة الاحتضان الحقيقي لموهبتي؛ حيث وجدت التشجيع والدعم، وظلت أربعاوات
نادي الأدب هناك الوقت الأجمل  الذي أنتظره لأسمع منهم إبداعاتهم، وينصتون إلى كتاباتي ونتشارك
الحوارات عن الشعر والنقد.
كنا مجموعة من طلبة جامعيين ودكاترة أكاديميين، وتنوعت إبداعاتنا ما بين الشعر الفصيح، والعامي،
والقصة القصيرة، والمسرح.
ثم شاركتهم في تجربة النشر الورقي، وكانت  لنا مجلتنا  الأدبية (مجلة الحصاد)، التي صدرت من نادي أدب
مغاغة، وتابعة لقصر ثقافة المنيا، وتضم مجموعة من إبداعات الأعضاء والعضوات.
وشاركتُ معهم في مهرجانات طه حسين الأدبية، وتعلمت الكثير من أصدقاء وصديقات الحرف الشعراء
وكتاب القصة، وكانت تلك الفترة زاخرة بالنقاشات والورش واللقاءات والندوات العديدة الشائقة.
عندما دخلت الجامعة (كلية الآداب قسم اللغة العربية) ساهمت دراسة الشعر عبر عصوره ومدارسه
المتنوعة، والنقد الأدبي، والبلاغة، في صقل موهبتي في كتابة  القصيدة الفصحى، ثم كتبت الشعر بالعامية
المصرية في مرحلة تالية.
وسعدت بالمشاركة في مسابقات الجامعة للشعر، وكنت أفرح بحضور الندوات، واستمتعت بدخول المكتبة،
وقراءة شعر المعلقات في العصر الجاهلي لامرىء القيس، وعنترة، وعمرو بن كلثوم، وغيرهم.
وانتقلت بين القراءات على مدي أربع سنوات، وعبر عصور الشعر المتعاقبة، قرأت للمتنبي، وأبي تمام،
وجرير، والفرزدق، ومن شعراء الحداثة كنت مغرمة بشعر درويش، وأمل دنقل، وصلاح عبد الصبور،
والبباتي، والأبنودي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين. وأغرمت بقراءة سير الشعراء والأدباء، وتعلقت بسيرة
مي زيادة، أحببت شخصيتها، تلك  الشاعرة  الجميلة المثقفة صاحبة الصالون الأدبي الذي ضم كوكبة من
شعراء ومفكري وكُتاب عصرها.
كما أحببت مطالعة كتب النقد الأدبي وكتب علم النفس…
تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة لعربية، وتشاركت الفرحة مع أسرتي وصديقاتي.
وبعدها سعيت لإكمال دراستي العليا، وبالفعل أتممت دبلوم تمهيدي الماجستير، ثم غادرت مصرالحبيبة برفقة
زوجي  للإمارات العزيزة عام 2000م.
انشغلت حينها برعاية وتنشئة أبنائي الأعزاء، ومن ثم تعذر علي المشاركة في فعاليات ثقافية، لكن لم أندم قط
لأنني وهبتُ أبنائي جُل وقتي واهتمامي، بل كانت الأمومة ملهمتي، وظل أبنائي جيشي الصغير الذي وقف
يدعمني، ويشد أزري ضد نوائب الدهر، وتشاركنا الأفراح والأتراح والخيبات والإنجازات. وكانوا دائمًا
جمهوري الأول الذي دعمني، وقرأ اشعاري وصفق لي.
ورغم المسؤوليات العائلية، دخلت إلى العالم الافتراضي، وأحببت الانضمام للمنتديات الأدبية، وشاركت في
المسابقات، وتفاعلت بالنشر الإلكتروني فيها، وكانت فترة ثرية، استمتعت فيها بغزارة الكتابة، وتبادل

 

الخبرات والآراء مع زملاء وزميلات لهم نفس الشغف، وجمعتنا منتديات قرائية، حملت الحماس والمتعة،
وكنت عضوة فاعلة في بعضها، أتشارك معهم جلسات قراءة ونقد ومناقشات ومراجعات الكتب.
انفتح الباب أمامي لأقرأ الدواوين الصوتية، والمواقع، والمجلات الإلكترونية، وأتابع صفحات الشعراء
والكتّاب،
وفيما بعد كنت أراهم، وأستمع لهم وأحاورهم شخصيًّا في أروقة معارض الكتاب في الشارقة وأبوظبي
والعين، استمتع بالندوات الشعرية عن بعد، وكثير من اللقاءات الأدبية والثقافية الحضورية، وخاصة ندوات
جوائز الرواية العربية البوكر.
وكما أفادني الاطلاع على المكتبات الرقمية الزاخرة بالكثير من الدواوين والروايات العربية والمترجمة،
والعديد من صنوف المعارف.
استهوتني فكرة التدوين، وعملت مدونة لشعري وأخري لمراجعات الكتب.. رحم الله والدي الشاعر أستاذ
اللغة العربية، مدينة له بالكثير؛ لأنه منحني أجنحة، حين أورثني عشق الأدب العربي، وعلق قلبي في حب
اللغة العربية لغة الضاد.
ممتنة لوالدتي، يرحمها الله؛ لأنها أمدتني بالحب الفياض، والقوة والصبر، لأثبت وأثابر وأستمر. وعلمتني أن
أتمسك بما أحب، وشجعتني لأبذل قصارى جهدي؛ لتحسين وتجويد كتاباتي. وكانت الساردة الأولي للحكايات
والأمثال التي تعلمت منها.
وأشعر بالامتنان لزوجي العزيز الأستاذ الجامعي، الشاعر الباحث في اللغة العربية، والمهتم بتعليم غير
الناطقين اللغة العربية، رفيق الرحلة الذي شجعني واحتمل ثرثرتي، وسمعني فأحسن الإصغاء، حين أنشدته
من شعري، ولكنه مال دومًا جهة الشعر الفصيح، على حساب الشعر العامي.
شكراً من القلب لصديقاتي الجدد من الإمارات، ومن كل البلدان الشقيقة، اللائي التقيتهن على منصات هذا
العالم الافتراضي.. الصديقات الحقيقيات الصادقات من عرفتهن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن
بعض اللقاءات الحية القليلة التي تشرفت برؤيتهن عن قرب في مجالس القراءة، ومعارض الكتاب في الشارقة
وأبوظبي والعين دار الزين.
وتعذر تواجدي في معرض القاهرة الدولي للكتاب لسنوات عديدة بسبب إقامتنا  بالإمارات. لكن أشد ما أبهج
فؤادي أن يتزامن اختيار صلاح جاهين شاعر العامية الجميل كشخصية معرض القاهرة للكتاب، في نفس
العام الذي يصدر فيها باكورة إنتاجي الأدبي ديواني الشعري بالعامية المصرية (كوفية من شُغْل الحنين) عام
2023م.
سعيدة لأنني ما زلت أكتب الشعر، وتلهمني فتافيت الحياة، وملامح القرية والمدن، ونماذجها البشرية، وأستلهم
الصور والرموز من ذخيرة الأمثال والمقولات والحكايات والخرافات والتراث الشعبي العربي والمصري
بصفة خاصة.
كم أحب دمج اللغة الدارجة بهيئتها في شعري، كما قيلت بنصها احيانًا، أو أستلهم بعض شخصياتها مثل (بهية
وياسين)، أو طقوس السبوع، والميلاد، والزواج.
أقتنع دائمًا أن اللغة طائر يحلق بجناحي الفصحي والعامية وأميل لتقريب اللهجة المحلية المصرية الدارجة من
مستوي اللغة الفصيحة ؛ لتكون أقرب للفهم من قِبل القراء والمستمعين من اللهجات الأخرى، في مختلف
الدول العربية الشقيقة.
هناك صندوق من الجواهر يجمع الأمثال والحكم والمقولات والمواقف والحكايات والسير الشعبية في تراثنا
المصري والعربي عامة، صندوق يلهمني على الدوام.

 

من أجل ذلك؛ أحب الإنصات دومًا للجدات، وقراءة كتب التراث الشعبي، والروايات العربية والمترجمة من
الأدب العالمي؛ لأن التراث العربي والإنساني نسيج متكامل. وأحمد الله أن  تخلصت من فوضاي، وجهزت
ديواني للطباعة والنشرر، وصدر بعنوان (كوفية من شُغْل الحنين) من إصدارات دار الأدهم يناير2023.
وكانت  النسخة الورقية في طباعة أنيقة تليق بقارئات وقراء العامية المصرية، ولوحة الغلاف الجميلة من
إهداء الفنانة حنان النادي.
شكرًا لدار الأدهم للنشر، وأ. فارس خضر؛ على الالتزام بميعاد النشر، وعرض الديوان في معرض القاهرة،
كما يوجد من الديوان نسخة إلكترونية على تطبيق أبجد.
وشاركت في كتاب مشترك بعنوان (نساء ملهمات)، من إصدارات دار شاهين، ساهمت فيه بسيرة ذاتية
وقصتي مع الكتابة بعنوان (ريشة المطر).. وكل الشكر للدار، وأ.ليلاس شاهين، وأ. وداد بوشنين.
وسعدت بحضور حفل توقيع جماعي للكتاب في معرض أبوظبي في جناح دار شاهين.
ممتنة لكل من أضاء في طريقي شمسًا جديدة.. مهما حدث لا تتركوا شيئًا يلهيكم عن الشغف، وعن القراءة،
الحياة تستحق أن نعيشها ونقرأها بعمق.

نبذة شخصية مختصرة:

 من مواليد1974م، في مغاغة، محافظة المنيا عروس الصعيد.
 ليسانس آداب لغة عربية 1996، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمنيا.
 شاعرة مصرية وقاصة.
 مدونة شخصية.

الندوات والمشاركات:

 عضوة فاعلة ناشطة في عدد من المنتديات القرائية.
 كنت عضوة فاعلة في نادي أدب مغاغة، من عام (1991_1999).
 عضوة في المجلس المصري للشعر العامي.
 عضوة في رابطة شعراء العامية المصرية العربية.
 شاركت في العديد من الندوات الأدبية والورش والمحاضرات، والفعاليات الحضورية، وعن بعد (أون
لاين)، ومنها:
في مصر:
 المشاركة في العديد من الندوات الشعرية، في عدد من مهرجانات طه حسين التابعة لقصر ثقافة المنيا،
وأصدرنا مجلة (الحصاد) التي كانت تنشر إبداعات أعضاء النادي في الشعر والقصة في تلك الفترة.

في الإمارات:

 شاركت في مهرجان الإبداع الأول بعدد من المقالات والقصص القصيرة في2007، التي نظمها
ملتقى أسرة جامعة الإمارات العربية المتحدة _ العين، وفرحت بالتكريم واستلمت شهادة تقدير ودرع
الجامعة.

 

 شاركت في ندوة البرنامج الثقافي التي نظمها مركز العين للكفاءة في اللغة العربية، في جامعة
الإمارات العربية المتحدة عام 2012، وسعدت بالحضور والتكريم وتسلم شهادة تقدير.
 وشاركت أيضًا بالحضور والمناقشة في:
o ندوة الموروث الشعبي الإماراتي، أ. شيخة الجابري
o ندوة ادب الطفل في بيت محمد بن خليفة.
o ندوة النتاج الأدبي ونقله للأجيال
o ندوة رحلة في وجدان الأديب _ الشاعرة عائشة الغيص.
o ندوة اكتشاف مواهب الشباب.
o ندوة القراءة وتغيير المفهوم.
o ندوة الحراك الثقافي في عام الاستدامة.
o ندوة المكتبة المدرسية بيت المعرفة.
o ندوة رحلتي مع القراءة _ عبد الرحمن النقبي.
o ندوة الدلالة والرمز د. جمال مقابلة في نادي كتاب العين.
o ندوة الصالونات الأدبية _عبدالله الجابري.
o ندوة الحِراك الثقافي في العين.
o ندوة صناعة النشر وتحولات ما بعد الجائحة جمال الشحي.
o ندوة إضاءات على مدارس النقد د. صلاح فضل.
o ندوة القصيدة القصيرة جدا وتداخل المصطلح د. يوسف حطيني.
o ندوة شعرية للشاعر مبارك بالعود.

ورش:

 ورشة القراءة السريعة تزامنًا مع شهر القراءة مارس2021.
 ورشة مفاتيح القراءة، نيرمين حماد.
 ورشة فن الحكي _ نيروز الطنبولي.
 ورشة أهمية العمل التطوعي للشباب.
 ورشة الحضور الرقمي _ ليلى كمال.

إصداراتي:

1_ديوان كوفية من شغل الحنين، شعر عامي، دار الأدهم 2023.
2_كتاب نساء ملهمات، مجموعة كاتبات، دار شاهين 2023. وهو كتاب مشترك كتبت فيه نبذة شخصية
عني بعنوان (ريشة المطر)، وحضرت توقيعًا جماعيًّا مشتركًا للكتاب في معرض أبوظبي.
ويوجد عدد من المخطوطات في درج مكتبي، أطمح إلى طباعتها في القريب بإذن الله، منها مجموعة
قصصية، وديوان شعر فصيح، وعدد من قصص الأطفال، ومقالات عن القراءة.
مازلت أقرأ  واكتب وأكتب…
وأنا على يقين أن ما كُتب بصدق يستحقُّ أن يبقى ويترك بصمة خالدة على جدار الزمن، وعلى قلوب كل
محبي الشعر الأصيل.
دام القلم نابضًا بكل جميل وأصيل، ودمتم مبدعين.

 

بقلم / نهى رجب محمد
شاعرة مصرية، مقيمة بالإمارات

اترك تعليقاً